الاحتراق الذاتي بين الحقيقة والخيال

  بسم الله الرحمن الرحيم

Screenshot_4

ترددت كثيرا قبل كتابة هذه الأسطر ليس فقط لأنها ستثير الكثير من الجدل ولكن لأنها تتحدث عن موضوع لا يصدقه كثير من الناس وعندهم الحق في ذلك فغالبا ما يتم المبالغة في هذه المواضيع والزيادة عليها مما يجعلها خرافة.. هل سبق وأن شاهدت يوما ما شخا يحترق من تلقاء نفسه طبعا لم تشاهد ذلك وغالبا لن تصدقني أن قلت لك أن هناك أشخاصا قد احترقوا هكذا فجأة بدون أي سبب (لا مصدر حرارة أو لهب أو أي شئ) نحن لا نصدق غالبا أشياء لا نعرفها لكن ماذا لو أخبرتك أن هناك أكثر من 200حالة وثقت كحالة احتراق ذاتي وكانت أغلب الحالات متفحمة تمام وبعض التحقيقات أشارة أن حرارة الاحتراق لابد وأنها بلغت 1500درجة مئوية فمثلا :-

مارى ريزر:-

ولقد تحدث عن هذه الظاهرة الكاتب الإنجليزى “تشارلز ديكينز” بشىء من التفصيل في كتابه المعروف (البيت الكئيب) وتعتبر الحادثة التي وقعت في ولاية فلوريدا الأمريكية من أشهر حوادث الاحتراق الذاتى، وذلك عندما وجدت الأرملة “مارى ريزر” في شقتها محترقة كليا إلا بعض الأجزاء الصغيرة من جسدها، وجدت جميع الأوانى في مطبخها في حالة انصهار وقد قدر الخبراء درجة الحرارة التي تعرضت لها مارى بـ 1500 درجة مئوية !، وهى درجة حرارة هائلة لا يمكن افتعالها إلا باستخدام محارق ضخمة الحجم كتلك التي تستخدم لحرق النفايات أو الجثث.

 

الدكتور جون بنتلى

أما أشهر حالات الاحتراق الذاتي في أمريكا فهي حالة احتراق الدكتور (جون بنتلي) عام 1966م والذي تحول إلى كومة من الرماد الناعم بدون سبب مفهوم، العجيب في الحادثة أن القدم اليمنى وستائر الحمام ظلت بدون أذى وبفي كل ما يحيط بجثمان الطبيب سليما في حين تحولت عظامه إلى رماد.

 

ومن الملاحظ أنه بالرغم من تفحم الجذع والدماغ لدرجة عدم إمكانية التعرف على شخصية المحترق فإن الأيدي والأقدام وأجزاء من الساق تنجو من الاحتراق، والأغرب من هذا كله أنه في حالات نادرة من الاحتراق التلقائي للأجسام البشرية لا يحترق إلا خارج الجسم وتبقى الأعضاء الداخلية غير محترقة، كما أنه لا يشترط أن يصحب الاحتراق التلقائي اندلاع لهب أو ألسنة نيران فثمة روايات عن حالات احتراق دون اشتعال ودون دخان، كما أن نسبة ضئيلة ممن احترقوا تلقائيا لم يلقوا حتفهم ونجوا ليروا تجارب تعرضهم للاحتراق التلقائي.

ظلت هذه الحوادث بلا تفسير الا أن هناك بعض التفسيرات التي تبدو غير منطقية منها

 

الأول: كان الاعتقاد السائد في القرن التاسع عشر بأن الضحايا كانوا من مدمني الكحول، وأن أجسامهم المتشربة للحكول تكون سريعة الاشتعال، ولكن هذا التفسير غير منطفي لأن أي شخص يصل إلى تلك المرحلة من الإدمان يموت بالتسمم قبل أن يشتعل أو يحترق.

 

ثانياً: أغلب النظريات التي فسرت هذه الظاهرة رجحت أن الاحتراق تم نتيجة اتصال الجسم المحترق بنار المدخنة أو المدفأة بحيث تخرج الحرارة والدخان من مدخنة المدفأة فيساعد الفحم على احتراق الجثة بشدة ويحفظ ألسنة اللهب عن أن تمتد إلى باقي أنحاء الغرفة، ويذوب النسيج الشحمي بالحرارة فيتحول الجسم إلى رفات بشري، ويعتقد أن درجة حرارة الجسم ترتفع في هذه الحالة إلى حد يمكنه أن يحرق الجثة بشكل تام، وبالرغم من أن هذا التفسير علمي نظريا إلا أن الكثير من الحالات لا تؤيد هذا التفسير عمليا من بعض النواحي الرئيسية.

 

فبعض الضحايا لم يكونوا يجلسون أمام مدفأة مشتعلة، كما لم يتم اكتشاف أي مصدر للنار في بعض الحالات، كما وجدوا الكرسي الذي تجلس عليه الضحية المحترقة سليما، وبقيت ملابس الضحية سليمة أيضا.

ثم كيف تتمدد الجثة المحترقة على السرير دون أن تحترق أغطيته؟ وبماذا نفسر القصة الأخيرة التي ذكرناها لبول هايز الذي كان يتمشى خارج منزله وهو بعيد كل البعد عن أي مصدر حراري؟!

 

ثالثاً: يرى البعض أن حالات الاحتراق الذاتي حدثت نتيجة المغناطيسية الجيولوجية للكرة الأرضية عندما كانت في شدتها القصوى، فالعاصفة المغناطيسية ترفع من سوية المجال المغناطيسي الجيولوجي إلى مدى غير طبيعي لا تتحمله طبيعة الضحية خصوصا عندما تتعرض لأشعة الشمس ولفترة طويلة من الزمن.

 

وهذا رأي أيضاً يفتقد إلى المنطق فلو كان الاحتراق يحدث نتيجة شدة المجال المغناطيسي الأرضي لكنا توقعنا أن تحدث هذه الحالات معا وفي وقت واحد، إضافة إلى أن شدة المجال يحدث بين فترة وأخرى دون أن يتسبب في حدوث حالات احتراق ذاتي.

 

رابعا: يرى البعض أن الحالة النفسية لها أثر كبير في عملية الاحتراق الذاتي ويؤكدون أن عمر الضحية وجنسه أقل أهمية من حالته النفسية، إذ يمكننا أن نتخيل شخصا يعيش بمفرده وهو يعاني من مرض أو إصابة، أو مريضا نفسيا باليأس والخوف والإحباط وعدم الاستقرار العاطفي، وأن هذه الانفعالات كلها يمكن أن تؤثر على وضعه إذا انعكست حالته النفسية على جسده، مما يسبب اضطرابا في السلوك الوظيفي للأعضاء التي تنظم آلية الحرارة في جسمه، ويمكن أن تمر هذه الحالة بشكل طبيعي دون أن يتم ملاحظتها ولكن قد تصل إلى مدي غير طبيعي لا تتحمله طبيعة الضحية وعندها تحول العظام البشرية إلى كومة من الرماد.

هناك من ينكر هذه الظاهرة بحجة أن المصابين كانو ممن يدخنون باستمرا أو يدمنون الكحول وكان بعضهم عاجزين عن الحركة مما تسبب في حرقهم نار منزلية أو أفعال انتقامية مستهدفة لكن يبفي الأمر مثيرا للجدل لأن هناك بعض الضحايا كانو بصحة جيدة ولا يتعاطون السجائر أو الكحول.

ويظل الامر غير منتهى.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد