( تفسير سورة البقرة )
قوله تعالى
{ الم{1}
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
www.albahre.com
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين :
أما بعد :
بالأمس أخذنا مقدمة عن سورة البقرة ، ونشرع في هذه الليلة بإذن الله تعالى في بيان الآية الأولى من هذه السورة ، وهي قول الله عز وجل :
{ الم{1}
بالأمس قلت ُ : " إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مكث في حفظ سورة البقرة بفقهها ثنتي عشرة سنة "
لم ؟
لأن المسلم إذا أتقن سورة البقرة بما فيها من أحكام وأخبار وأوامر ونواهي ، فإنه سيفقه ما يأتي بعدها من سور .
وأضرب لكم مثلا بتفسيرنا في هذه الليلة لقوله تعالى :
{ الم{1}
ما سأذكره من فوائد تحت هذه الآية خذ هذه الفوائد واذكرها وتذكرها عند قوله تعالى :
{المص }الأعراف1 .
{حم }غافر1 .
{ طه{1} طه .
{يس }يس1 .
{ق }ق1 .
فما يقال هنا يقال هناك سواء بسواء .
فقول الله عز وجل :
{ الم{1}
يستفاد منها فوائد :
( الفائدة الأولى )
أن هذه تسمى عند العلماء بالحروف المُقَطَّعة "
وهذه الحروف المقطعة وردت في :
" تسع وعشرين موضعا من كلام الله عز وجل "
أولها سورة " البقرة " كما هنا .
وآخرها سورة " ن " .
( الفائدة الثانية )
" أن هذه الحروف المقطعة منها أحادية ، وحروف ثنائية ، وحروف ثلاثية ، وحروف رباعية ، وحروف خماسية "
أحادية " مثل قوله تعالى :
{ق }ق1 ، {ص }ص1 ، {ن }القلم1 .
" ثنائية " مثل /
{حم }غافر1 ، {يس }يس1 ، {طس }النمل1 .
" ثلاثية " مثل /
{ الم } ، {طسم }الشعراء1،
" رباعية " مثل /
{المص }الأعراف1
" خماسية " مثل /
{كهيعص }مريم1
( الفائدة الثالثة )
هل هذه الحروف المقطعة آية أم أنها غير آية ؟
يقول ابن أبي العز الحنفي رحمه الله في شرحه على الطحاوية : " إن غالب من كتب القرآن ممن سبق لم يذكرها على أنها آية ، وإنما هي من ضمن الآية التي تليها "
وب فإنه لا يحتاج إلى تفسيرها .
لكن المعمول به والمعروف لدينا أنها آية ، وإذا كانت آية فهل لها معنى ، أم أنه لا معنى لها ؟
قال بعض العلماء : لا معنى لها .
ولا يمكن أن يكون هذا ، لم ؟
لأن الله عز وجل أمرنا بالتدبر ، قال تعالى
{كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ }ص29 .
وهي من ضمن الآيات ، إذاً لابد أن نتدبرها ، فإذا لم يكن لها معنى ، فكيف نتدبر ها .
إذاً هذا القول يرد بهذه الآية .
إذاً / ما معناها ؟
هل هي ترمز في حروفها إلى أسماء للملائكة ؟
هل هي قَسَم ، أقسم الله عز وجل بها في أول السورة ؟
هل هي حروف هجاء لا معنى لها ، مثل ما تقول " ط " ، " ف " هذه لا معنى لها ؟
هل لها معنى ولكن الله عز وجل استأثر بعلمها ؟
هل هي أسماء للسور ؟
أو أسماء لله عز وجل ؟
أو أسماء للرسل ؟
كل هذه أقوال ، كثير من العلماء يقول هي " لها معنى ، لكن الله عز وجل استأثر بعلمها ، فنكل علمها إلى الله عز وجل .
ولكن هذا يشكل على أن القرآن ما نزل إلا للتدبر .
ومن ثمَّ / فإن أقرب الأقوال كما ذكر القرطبي وابن كثير رحمهما الله : ذكروا من ضمن الأقوال " أنها حروف هجاء " لكنهم لم يرجحوا هذا .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " إنها حروف هجاء "
مثل ما تقول : " ط – ف " لكن لها فائدة ولها معنى .
كيف ؟
إذا قلت " ف – ط " فيه تحدٍ للكفار الذي زعموا أن هذا القرآن قد أتى به النبي صلى الله عليه وسلم ، فيقال لهم : هذا القرآن قد أُلِّف من مثل هذه الحروف ، وأنتم بلغاء فصحاء ، فأنشئوا مثله !
تحداهم الله عز وجل أن يأتوا بمثله ، قال تعالى :
{فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ }الطور34
فعجزوا .
تحداهم بعشر سور ، قال تعالى :
{ ُقلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ }هود13
فعجزوا .
تحداهم بسورة واحدة ، قال تعالى :
{ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ }البقرة23
ومع ذلك عجزوا .
ومن ثم فإن هذا القول لو تأملت معي في غالب هذه الحروف المقطعة إذا أتت أتى بعدها ذكر القرآن .
قال تعالى :
{ الم{1} ذَلِكَ الْكِتَابُ }
{ المص{1} كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ }
{ المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ }
{ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ }ص1
{ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ }ق1
بمعنى / أن هذا القرآن أُلِّف من مثل هذه الحروف ، فألِّفوا مثله ، فإذا عجزتم فآمنوا به ، فإذاً هو ليس من عند محمد – صلى الله عليه وسلم – وإنما هو من عند الله عز وجل .
وقال بعض العلماء : هذه الحروف لها فائدة أخرى ، ما فائدتها ؟
" أنها تستقطب أذهان الكفار "
الكفار يتواصون فيما بينهم ألا يستمعوا لهذا القرآن {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ }فصلت26 .
وقال عز وجل :
{فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ }
يهربون من أن يسمعوا هذا القرآن
{كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ }
{ حُمُرٌ } جمع " حمار "
{فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ }المدثر51
يعني فرت من أسد أو من صائل .
فلما أتت هذه الحروف { الم } { طه{1} {ق } حينها يتطلعون إلى ما بعدها ، وب يستمعون إلى القرآن فيؤثر فيهم .
وهذا في الغالب ، لم ؟
لأن بعض السور مدنية – كسورة البقرة – لكن في غالب السور التي نزلت في مكة هي استقطاب لأذهان الكفار
وللمزيد من الفوائد على هذا الرابط :
http://www.albahre.com/publish/article_5038.php