هي الان (شمس الملوك) وليست (شمس البارودي) هكذا ارادت منذ اكثر من عشرين عاماً حين اصبحت اول نجمة مصرية تعتزل الفن وتتحول الى داعية اسلامية.
وشمس الملوك هو اسمها الحقيقي، تحبه وتحب ان نناديها به، حتى بعد ان قررت خلع النقاب في بعض الاوقات والمناسبات.
ولأن الفن خرج من حياتها منذ سنوات طويلة، فلم تعد تهتم بالكلام عنه، فقد اصبحت في (ملكوت) اخر، لذا حدثناها عن الدين والحياة، الدين الذي عادت اليه، والحياة التي تعيشها، وبين الاثنين تفاصيل كثيرة تكشف عنها شمس الملوك الشهيرة بـ(شمس البارودي) في حوار خاص جداً..
* لماذا خلعت النقاب اخيراً واكتفيت بالحجاب؟
- انا ملتزمة بالنقاب منذ 22 سنة واجتهدت وقرأت وتعلمت ومازلت اتعلم، وعندما كنت اصغر مما انا عليه الان استشعرت وجوب تغطية وجهي عندما كان وجهي فتنة، وحتى الان اخرج من بيتي بالنقاب وهذا ما يريحني ويسعدني في ابتغاء مرضاة ربي ولكنني الان اكشف وجهي في بعض الاحيان للضرورة، (يعني مثلاً) اكتب كتاب ابني محمود في المنزل والعائلة مجتمعة و تذكارية، ومناسبات اجتماعية اخرى.
واستطرت.. يا جماعة الاسلام لا يوجد فيه تعنت ولقد استخرت واستشرت في هذا الامر وانا لا اضع مساحيق على وجهي واسأل الله ان يصلح قلبي وقلوب المسلمين ويؤلف قلوبهم ويتوسموا الخير في ما تركت مما يسيل عليه لعاب الاخرين ارتضاء مرضاة ربي، ولا يزيدون عليّ منذ انعم الله عليّ بالالتزام كأول فنانة تعتزل الفن. وتحملت هجوم القاصي والداني، وثبتني ربي وبفضل من الله لجأت اليّ الكثيرات وجعلني ربي سبباً للالتزامهن لانهن صدقنني واقتنعن بحجتي المستقاة من العلماء حملة الكتاب والسنة المطهرة، وليتساءل المزايدون ما هو فقه الاولويات الان فيما وصل اليه حال المسلمين في مشارق الارض ومغاربها، واؤكد واذكر الجميع بأن لباس المرأة الشرعي لا يكشف سوى عن الوجه والكفين ولا يصف ولا يشف ولا يلفت وادعو الله ان يؤجرني على كل خطواتي بنيتي الخالصة لنصرة ديني والدفاع عنه وليس للرياء او السمعة وان يحسن الله عقولنا وقلوبنا والسنتنا جميعاً.
*ترددت اسماء عدد كبير من الشيوخ وراء اعتزال الفنانات من بينهم الشيخ الشعراوي (رحمه الله) والحبيب الجفري، وعمر عبد الكافي وعمرو خالد، وخالد الجندي وآخرين فما هي حقيقة ذلك وكيف بدأت انت رحلتك مع الالتزام ومتى وما هي دوافعه؟
- اسماء كل الشيوخ الافاضل الذين ذكرتهم ترددت بعد التزامي بسنوات كثيرة فقد كنت بفضل الله اول من اعلنت اعتزالها وتحجبها وبعدي بخمس سنوات اعلنت السيدة الفاضلة الفنانية السابقة شادية اعتزالها وتحجبها ووقتها اتصلت بالشيخ الشعراوي ولم اكن اعرفه فنصحها بالاتصال بي فقد كنت اجهر بالدعوة للعودة الى كتاب الله والالتزام بتعاليمه، وجاءت بعدنا الاخت (هناء ثروت) على يد الشيخ الشعراوي وشعرت وقتها بقيمة الدعوة، فكلما سمعت احداهن الحجج المدفوعة بالايات والاحاديث اعلنت الاعتزال وارتدت الزي المشفوع الذي يغطي مفاتن المراة فالتزمت المرحومة هالة فؤاد والمرحومة مديحة كامل والاخت شهيرة والاخت سهير رمزي، والاخت سهير البابلي والاخت نورا والاخت سحر حمدي والاخت زيزي مصطفى وكثيرات ولم يكن يمر عام بدون زيادة قافلة الملتزمات بتعاليم الكتاب والسنة وزاد ذلك في الهجوم عليّ فآثرت السلامة وتركت الدعوة بشكل مكثف لغيري بعد 17 عاماً وتفرغت لبيتي واولادي وزوجي امارس الدعوة في اضيق الحدود فقد اصبحت فرض كفاية عليّ وليست فرض عين، اما عن بداية رحلتي مع (كتاب الله) في اول عمرة في حياتي سنة 1982 وكنت متزوجة ولديّ من الابناء ناريمان ومحمود وقد اصطحب ابي زوجي قبلي بعام لاداء العمرة وكان ابي (رحمه الله) دائم الذهاب لبيت الله الحرام لاداء العمرة والحج وقد كان خير رفيق لزوجي ولي بعده بعام ولينعم ربي علينا بجلاء البصيرة وصدق اليقين وحقيقة الوجود. حيث قال رب العزة (وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون) وبعد ختم القرآن الكريم في ايام العمرة ومنذ اكثر من 22 سنة القى ربي في روعي حقيقة التوحيد وتراءى لي الكون كما لم اره من قبل. واستشعرت مدى ضآلة هذا المخلوق الانساني ومدى ضعفه وقلة حيلته امام عظمة الله وقدرته، ووقفت في جوف الليل في الثلث الاخير من الليل في بيت الله الحرام، رافعة كلتا يدي اتضرع لمولاي وخالقي ان ينظر اليّ بعين عطفه ورحمته وان يقوي ايماني وظللت اردد هذا الدعاء ولا ادعو بسواه، اللهم قوي ايماني اللهم قوي ايماني وايمان اولادي وزوجي وابي وامي واخوتي وكل من احببتهم وانهمرت دموعي في صمت لرب الارض والسماء.
ولقد كانت هذه الليلة المباركة لي وعلى الحد الفاصل بين حياتين حياة جهلي بحقيقة ديني وحياة علمي وفهمي لمراد رب العالمين من خلقه اجمعين، فوقفت اقرأ (فاتحة الكتاب) فرأيت عجب العجاب رايت معاني فاتحة الكتاب كاملة تحدث عنها ابن القيم جوزيه في (مدارك السالكين) في اياك نعبد واياك نستعين وكانت المنة والفضل والنفحة الربانية في الفهم والادراك والعلم واليقين والصدق مع الخالق مع النفس، وكانت البداية وكان التحول بارادة وعزم وتصميم على النجاة والفوز برضى الله ورضوان الله وحب الله ولقد كان قرار الحجاب في هذه الليلة المباركة عليّ بيقين بعد هذا الدعاء والبكاء وقراءة الفاتحة في ركعتين في صحن الكعبة، وراء مقام سيدنا ابراهيم وكل كياني يرجف واوصالي ترتعش ودموعي تنهمر وصدري يشهق من شدة البكاء من عظمة وقوة فاتحة الكتاب، واخرج من هاتين الركعتين انسانة اخرى زاهدة متذللة راكعة ساجدة ارجو رحمته واخشى عذابه.
* لماذا توقفت سلسلة اعتزال الفنانين والفنانات في السنوات الاخيرة؟
- الله اعلم، والهداية لا تأتي الا من يستحقها فقد قال سبحانه وتعالى (من يرد الله ان يهديه يشرح صدره للاسلام، ومن يرد ان يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعّد في السماء) فالله سبحانه وتعالى يشاء الهداية لكل البشر ولكن من ارادها لنفسه اعانه عليها الله وثبته وسهل له طريق الصلاح ومن لم يشأ لنفسه الهداية ختم الله على قلبه وعلى سمعه وجعل على بصره غشاوة فلا يرى طريق الهداية ولا يعرفه ولا يريده اصلاًً.
* في تقديرك ما السبب في عودة بعض الفنانات المعتزلات للعمل بالفن؟
- الظروف الاقتصادية، وكل اخت فاضلة مازالت ترتدي الحجاب واضطرتها ظروفها الاقتصادية للعودة للتمثيل لتجسيد شخصية اسلامية او تقديم قدوة طيبة فهذا امر محمود وهذا برأي العلماء قبل رأيي على ان تلتزم بكثير من الضوابط الشرعية التي لا توقعها فيما يبطل عملها الحسن، قال تعالى (كل نفس بما كسبت رهينة).
*لماذا انقطعت تماماً عن الظهور في اي عمل فني او حتى العمل بالتلفزيون مثل بعض الفنانات اللاتي قدمت برامج دينية؟
- سبق ان قلت ان مرحلة الفن بالنسبة لي انا شخصياً كانت هواية في سن الطفولة والمراهقة ولم تكن يوماً مهنة اتعيش منها، ولقد كنت احيا في منزل اسرتي مع ابي وامي واخوتي حتى تزوجت (حسن يوسف) اب اولادي وهو مسؤول عني كما كان ابي مسؤولاً عني، فالتمثيل الان بالنسبة لي لا مهنة ولا هواية وقد كان اهم هواياتي في الصغر مع الرسم والقراءة وقد استمريت على الرسم والقراءة كهواية.
* من كان البادئ بقرار الاعتزال انت ام زوجك الفنان حسن يوسف؟
-أنا وبعدي بنحو ثلاث سنوات عدل زوجي الفنان حسن يوسف مساره فهو لم يعتزل ولكن قدم اعمالاً ملتزمة بالدين والاخلاق.
* اذا انتقلنا الى شمس الانسانة فمن هم ابناؤك وهل توافقين على عملهم بالتمثيل؟
- ابنائي ما شاء الله ولا قوة الا بالله هم (ناريمان- محمود- عمر- عبد الله) الله اكبر وقل اعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر عين الحاسدين ومن كيد الكائدين وحصنتهم بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة اللهم آمين. وهم بعيدون كل البعد في دراستهم عن مهنة التمثيل، ولكن عمر يُعرض عليه اعمال كثيرة ومحترمة ولكننا نصحناه انا وابوه ان يكمل تعليمه اولاً ثم بعدها يفكر ويستخير ويستشير.
وهو في آخر سنة جامعية الان بفضل الله وعبد الله ايضاً يحب التمثيل وهو شديد الشبه بأبيه في شقاوته وحركاته في افلام زمان، ولكنه لا يزال في السنة الاولى بالجامعة (الاكاديمية البحرية) وناريمان لا تحب الشهرة اصلاً وهي مهندسة كومبيوتر وتحضر ماجستير ومحمود تخرج في ادارة الاعمال ويستعد لدراسات عليا، الله يحميهم ويقويهم وييسر لهم كل خير يرضى به عنهم.
* تزوج اخيراً احد ابنائك (محمود) فكيف تم التعارف وما هو شعورك وانت حماة وستصبحين جدة قريباً ان شاء الله؟
- تزوج ابني محمود في سن 23 سنة، وهو ملتزم ولديه احساس قوي بالمسؤولية ولقد تعرف الى عروسه عن طريق احد اصدقائه فهي من عائلته، وقد بدأ التعارف في الاسكندرية فهم جيران لنا في المنتزه وفاتحنا اسرتها في الموضوع فرحبوا فشجعته لانني احب ان اعف اولادي فزواج الشباب في الصغر نعمة ولكن لصغر سن العروسين لا يفكران في الانجاب الان فزوجته في عمره تقريباً وربنا يسعدهم آمين.
*كيف تقضين يومك وماذا عن القائك الدروس الدينية وما هي الموضوعات التي تختارينها للحديث؟
- يومي محصور بين عباداتي ومسؤولياتي كزوجة وام وبين اخوتي وصديقاتي ولم اعد اعقد مجالس كذي قبل فالدعوة والداعيات كثر والحمد لله، واصبحت دعوتي مقتصرة على بعض الندوات الرسمية التي ادعى لها او من خلال التليفون.
* من هم اصدقاؤك من الفنانات المحجبات ومن هم اصدقاؤك من الوسط الفني ممن لم يعتزلن التمثيل؟
- لم تكن لي صداقات من الوسط الفني ابداً وكانت ومازالت صداقاتي من زميلات الدراسة او صحبة الحب في الله ومن الفنانات المحجبات (صفصفت) على الاخت الفاضلة التقية النقية الصادقة عفاف شعيب.
* اذا عدنا الى طفولتك وبالاخص السنوات الاولى منها فما هي ذكرياتك وماذا عن اسمك في بطاقة الهوية ومن كان وراء اختيار اسمك الفني؟
- احمد الله واشكره فقد كانت سنوات طفولتي مليئة بالسعادة فقد نشأت في احضان ام واب ارتبطا بقصة حب كبيرة وانجبا (7) ابناء ولد واحد اسمه مركب (محمد تيسير) وست بنات (ناهد ووفاء وسناء وهناء وصفا) وانا شمس الملوك جميل عزت البارودي اسمي مركب (شمس الملوك) ووالدي جميل وجدي عزت والعائلة البارودي وقد استسهلت اسمي نفسي شمس البارودي عندما التحقت بالعمل الفني، وقد كان والداي يتفننان في اسعادنا وكانت حياتنا بين المعادي وحلوان وسراي القبة وكان سكننا الدائم في فيلا لكثرة الابناء ولحب ابي وامي للحدائق فتعلمت كيف ارعى الزهور وشجر الفاكهة، حتى طبق السلاطة كان من حديقة منزلنا والحديقة الخلفية كنا نربي فيها انواع الطيور المنزلية المختلفة واجمل الفاكهة كنا ناكلها من حديقة منزلنا الجوافة الحمراء والبيضاء، والقشطة الخضراء، ووالدي اصله سوري دمشقي ولقد علمتني جدتي لابي وامي معظم الاكلات الشامية فاصبحت استاذة في المطبخ وانا اطبخ بعقلي وقلبي لاسرتي وانقي ما هو مفيد وصحي وشهي لاهل بيتي ولكن احافظ على وزني بتذوق القليل من كل ما اطبخه.
* في مشوارك الفني ما عدد الاعمال التي قدمتها وما اشهرها وهل انت راضية عنها جميعاً؟ وما هي الاعمال التي ندمت عليها؟
- انا تبرأت من كل اعمالي الفنية التي لا ترضي ربي واعلنت ذلك في الصحف في اعلان مدفوع، وانا مثل كثيرين في كثير من المهن اكتشفت انني لا احب المهنة التي اعمل فيها فتركتها، وبصراحة ومن الاخر انا لم احب مهنة التمثيل، وكرهت ان احيا غير شخصيتي الحقيقية فانا لا اريد ان اعيش غير نفسي، والتمثيل تعيش فيه امام الكاميرا شخصيات بعيدة عن الشخصية الحقيقية التي تحيا بها، انها معاناة ان يفقد الانسان جمال وقيمة نفسه الحقيقية التي سيسأل عنها يوم القيامة.
* الى اي مدى جارفتك على حياتك الشخصية؟
- الحمد لله لقد كنت من الحكمة كما علمتني امي رحمها الله ان ارتب اولوياتي كذلك اول ما بدأت حياتي مع من احب كان الفن اخر ما افكر فيه وكانت الاولويات كما تعلمت من امي لبيتي وزوجي واولادي حفظهم الله.
* ماذا كسبت من الفن وماذا خسرت؟
- كسبت اسم الشهرة (شمس البارودي) وزوجي حسن يوسف وخسرت اسمي الحقيقي شمس الملوك جميل عزت البارودي.