بيقولوا أن الصراحة راحة، طب خلونى صريح بقى. عندى اعتراف عايز أقوله: أنا جبان. أيوه جبان و بخاف، دا أنا بترعب يا عم. من إيه؟ من السلطة. كده على بلاطة بقولها. عايزنى أتصنع دور البطولة؟ إنى بمائة سوبرمان فى بعضيهم؟ إن قلبى ميت؟ كله كلام، مجرد هراء: أنا جبان. أنا أول واحد فى المظاهرة حتلاقينى بجرى، أول واحد بيتراجع فى وقت الصدام، بكل سرعة و همة حتلاقينى باجرى. لا اعرف صاحبى و لا خالتى، أنا بجرى. و مش مجرد هرولة يا حبيبى، لأ ده أنا بضرب سبرينت متين و كأنى فى الأولمبياد.
بجد يا جماعة بس أنا بخاف، بخاف على حياتى مع إنى مقتنع مليون فى المية بالثورة، يا عم أنا الثورة دى كنت بفكر فيها قبل ما نص الناس تسمع الكلمة دى أصلا لكن لظروف دراسية لم أتواجد تماما أثناء الثورة فى مصر حتى رجوعى أوائل يوليو. يمكن أن كثير من الناس خلاص كسروا حاجز الخوف ده لما شافوا الموت بأعينهم و الشرطة بتضرب بكل عنف و غشومية. بس أنا و لا عشت الأيام ديه و لا مرت بالتجارب نفسها.
أتساؤل، طب هو الخوف عيب؟ هل هو شئ يجب أن أخذل منه و اخفيه عن الناس؟
إجابتى بالتأكيد لا عشان كده أنا معنديش أى مشكلة فى الاعتراف بخوفى أمام الجميع. فى الحقيقة، الشعور بالخوف ده شئ طبيعى جدا بل صحى. الخوف ده مثل الإنذار الذى يحذرك أن فى خطر قادم. تتأهب، تفكر، تخطط ثم تتحرك وفقا للظروف. الخوف فطرى موجود عند كل بنى آدم لكن أهم شئ ألا يشل حياة الإنسان. إن خوفك يجب أن يتحول من طاقة سلبية تعوقك عن الإقدام على فعل شئ إلى طاقة إيجابية تدفعك لتحقيقه.
أنا خايف من العسكر، أنا خايف إنى أثناء توزيعى بعض المنشورات حتاخد فى بوكس فى مكان مجهول، سيتم تعذيبى ثم اتحول لمحاكمة عسكرية مثل كثيرين لا نعلم أى شئ عنهم. البس حكم سنة سجن بسبب بعض المنشورات التى كنت بوزعها على الناس. مجرد منشورات يا جدعان، إدينى عقلك. لأ و إيه: بعد سنة على قيام ثورة كان يُطالب فيها الشعب بالحرية.
أنا أيوه بخاف لكن خوفى ده لم يشل حركتى و قدرتى على المبادرة أبدا. بالعكس، الشعور بالخوف و التوجس جعلنى أكثر حرصا، أكثر إدراكا لما أفعله و حولت هذا الخوف إلى طاقة للعمل الإيجابى. أنا بقيت عارف حدودى كويس و لا أحاول أن اتقمص دور فوق طاقتى. ما كنتش عايز أنزل فى المظاهرات و بس، فهذا أضعف الإيمان بل المشاركة أيضا فى حشد الناس و عرض انتهاكات العسكر على الشارع. إن قوة الثورة جاءت من التحامها مع الشارع و إن أى أمل لنا كثوار فى إسقاط حكم العسكر سيكون من خلال الشارع.
خلاصة الكلام: كل واحد فينا بيخاف على حياته و أسرته و ماله و حاجات كتير تانية. مش عيب، تذكر فقط ألا يشل هذا الخوف حياتك بل اجعله وقود يدفعك فى أوقات التحدى. أن يكون خوفك الأكبر على الأشياء التى تهم أكثر: خوفك على كرامتك فى بلدك.
غير كده، خاف زى ما تحب.