لا شكّ في أنك شاهدت قبل اليوم فِلمًا من أفلام الخيال العلمي يروي حكاية حيواناتٍ تتكلم وبشرٍ يفهمون كلامها كما يفهمون كلام بعضهم البعض، وآلات تترجم النباح والمواء والصهيل إلى كلمات وألفاظ تشبه كلماتنا وألفاظنا، والسؤال هو: هل للحيوانات لغة رمزية مثل اللغة التي يتواصل بها البشر؟ أم أن التواصل في عالم الحيوانات ماهو إلا إستجاباتٌ لمحض أصوات مجرّدة من المعنى والرمزية؟
الإجابة بالنسبة لي لم تتحدّد بدقّة بعد، لأنني لا أزال بين ما لاحظته على تجاوب قطّة نربّيها في المنزل مع اللغة الرمزية، وبين الوصف القرآني لحديث النملة في حضرة نبي الله سليمان عليه السلام حيث نقلت الآيات لنا كلمات وألفاظا لغوية وبشكل عجيب.
الملاحظة التي أقصدها على القطة كانت بالضبط على طريقة إستجابتها للإشارة بالأصبع، والتي تعني في لغة تواصلنا البشري رمزا لمعنى هو: "الإتجاه"، وإذا إتفقنا على أن اللغة هي رمزٌ مرتبطٌ بمعنى، فإن الحُكم على إمتلاك القطّة للغة من عدمه يعتمد على إختبار ربطها للرمز ( إشارة الأصبع) بالمعنى ( الإتجاه الفلاني)، وقد نفَّذتُ الإختبار ( لستُ باحثا ولكنني فارغ شغل في بعض الأحيان) وكانت الملاحظة أن القطة لم تتجاوب مع إشارة أصبعي كرمز لغوي ( يمكنكم تجريب هذا في المنزل) والنتيجة أنها لا تمتلك سجيّة ربط الرمز بالمعنى ، إذن فليس للقطة لغة مثل لغة البشر الرمزية الملفوظة...
غير أنّ قصّة سيدنا سليمان مع قائدة النمل تحمل في ثناياها ما يشبه الرأي المُقابل والله أعلم، فالنملة التي رآها سليمان وفَقِه بنعمة ربّه عليه تواصُلها مع بنات جنسها، قال لنا القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين أيديه ولا من خلفه، أنها: "قالت" ، وكلمة قالت تدلّ على وجود لغة والله أعلم،بل إن الآية نقلت عن هذه النملة كلاما مفيدا:
" يا أيُّها النملُ ادخُلُوا مساكِنكُم لا يحطِمَنَّكُم سُليمانُ وجنودُه وهُم لا يشعرُون"
{النمل -18}
ولم تقُل لنا الآية أن سليمان سمع دبيبا أو رأى فورمونات وترجمها بالمعجزة التي وهبه إياها الله إلى كلمات وألفاظ، بل النملة هي التي قالت ذلك الكلام ونطقت تلك الألفاظ.
فهل تتكلم الحيوانات؟...