نجوم مصرية
منتديات نجوم مصرية المنتدى العام المنتدى الإسلامي والنقاشات الدينية



تابع نجوم مصرية على أخبار جوجل




سر كلمة لا اله الا الله

 

كلمة لا اله الا الله وهى كلمة التوحيد وعناها لا مخلوق يعبد سوا الله عز وجل


لأن المعبودات الباطلة كثيرة - والمعبود الحق الذي يستحق أن يُعبد هو الله - وحده

بلا شريك .. والحديث عن هذه الكلمة العظيمة في الأمر المٌعتاد بين الناس قد

يأخذ طابع الذكر والتذكر ، حيث نجد الناس يتلفظون بهذه الكلمة العظيمة من باب

ذكر الله ومن باب التذكير بأصل مفهومها ، الذي يعطي إحساسا بالخوف والرجاء إ

إلى الله تعالى ، حين نتذكر وحدانية الله وأن لا ملجأ لنا منه إلا إليه ، بالإضافة إلى

ما يعود علينا من خلال مقتضيات هذه الكلمة العظيمة ، فنشهد الإيمان بالله ت

تعالى - ونجعل كل عباداتنا خالصة له وحده .. ولكننا في حديثنا هذا عن كلمة

التوحيد - سنضع ما يحبو في خواطرنا نحوها .. فربما سيكون الحديث عنها جديدا

من نوعه ، ذلك لأننا سنذكر أشياء قد يغيب عنها بعض الناس ، ففي غالب الأمر

يركز الناس على ما قلناه سابقا في الأمر المعتاد بينهم حول - لا إله إلا الله وذلك

من باب الذكر والتذكر ، ولكن في هذا الحديث - ستأخذنا خواطرنا نحو التدبر

والتأمل في ما دلت عليه هذه الكلمة العظيمة .. وأول ما نذكره وما نفيض به

من خواطرنا ، هو أننا سنتدبر مفهوم كلمة التوحيد .. فـ لا إله إلا الله - تنفي

الألوهية عن كل شيء وتثبتها لله وحده .. فهي تعبر عن وحدانية الإله ووحدانية

المعبود - وهذا هو أول ما يخطر على القلب نحوها - وحدانية الإله .. وذلك أننا

نعـبد إلها واحـدا - لا شـريك له ، فـتكون كل عـباداتنا خالصة له وحده ، مما يعود

علينا بالراحـة والاستـقرار في توجيه جهدنا وعملنا إلى معبود واحدا .. ليس له

شركاء يعبدون معه في الكون ، فماذا لو كان هناك أكثر من إله يٌعبد في

الكون .. إننا في هذه الحالة الشاقة سنتعب في إرضاء هذه الآلهة وفي تقسيم

مجهودنا في أداء عبادتنا لهم .. فلن نشعر بالاستقرار ولن نجد الراحة ونحن نعبد

أكثر من إله .. سنجد من يسأل و يقول .. ( كيف نضع حسبانا من عندنا أن

للكون أكثر من إله ، ونحن على علم مادي - قبل أن يكون نقلي - أنّه محال أن

يكون للكون أكثر من إله ؛ والكون يشهد الاستقرار والثبات في نظامه ليدل على

وحدانية الإله الخالق ..!؟ ) نقول أولا .. أن هذا الحسبان الذي نطرحه - لا نضعه احتمالا لوجود أكثر من إله في الكون لنناقض به التوحيد ؛ ولكننا نفرض ذلك مقياسا على ما يقتضيه الشرك ؛ فنتصور وجود أكثر من إله في الكون ؛ حتى نظهر الراحة والاستقرار في عبادة الله وحده دون شريك ..

والله عز وجل- يوضح لنا هذه بمثال - خاطبنا به في القرآن ..
قال تعالى :
(ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (29) ) ( سورة الروم )
في هذه الآية الكريمة ( يضرب الله المثل للعبد الموحد والعبد المشرك .. بعبد يملكه شركاء يخاصم بعضهم بعضا فيه ، وهو بينهم موزّع ، ولكل منهم فيه توجيه ، ولكل منهم عليه تكليف ، وهو بينهم حائر لا يستقر على نهج ولا يستقيم على طريق ، ولا يملك أن يرضى أهواءهم المتنازعة المتشاكسة المتعارضة التي تمزق اتجاهاته وقواه ، وعبدا يملكه سيدا واحدا وهو يعلم ما يطلبه منه ويكلفه به ، فهو مستريح مستقر على منهج واحد صريح (هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً) .. إنهما لا يستويان ، فالذي يخضع لسيدا واحدا ينعم براحة الاستقامة والمعرفة واليقين وتجمع الطاقة ووحده الاتجاه ووضوح الطريق ، والذي يخضع لسادة متشاكسين معذّب مقلقل لا يستقر على حال ولا يرضى واحدا منهم فضلا على أن يرضى الجميع .. وهذا المثل يوضح حقيقة التوحيد وحقيقة الشرك في جميع الأحوال ) *.. فهو يوضح صورة الفرق بين الذي يعبد آلهة كثيرة مع الله ، والذي يعبد الله وحده - وهي نفس التي نقيس عليها - الحسبان الذي نطرحه نتيجة لما تقتضيه عبادة أكثر من إله في الكون ، ثانيا.. نحن لا نغاير الواقع المادي .. ولا نقول أننا لا نشهد بدلالة وحدانية الإله من استقرار الكون ، بل نقر بأن هؤلاء الآلهة التي نتصور وجودها في الكون - متشاكسون في أمرهم (فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ ) وكونهم متشاكسون ومتنازعون- شيء ، وتكليفنا منهم وعملنا لهم شيء أخر .. وهذا ما أوضحه لنا مثال القرآن .. حيث وصفهم لنا متشاكسون ومتنازعون في أمرهم ومع ذلك كان العبد المٌكلف منهم ضائعا بينهم - فالشاهد أنّه كان مٌكلفا منهم وعبدا لهم .. و أيضا إذا تدبّرنا قول الله عز و جل (الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) نجد هنا .. أن الله عز وجل يعقّب على هذا المثل الناطق الحي ، بالحمد لله الذي اختار لعباده الراحة والأمن والطمأنينة والاستقرار .. ذلك لأنّه - جلّ وعلا - أراحهم بوحدانيته وإنفراده عليهم بالتكليف ، ولم يتخّذ له سبحانه وتعالى شريك في حكمه وملكه عليهم ..


قال تعالى :
( وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً (111) ) ( سورة الإسراء )

.. الحمد لله الذي لم يكن له شريك في الملك .. سبحانه وتعالى - يحكم وحده دون معقّب لأمره ، وقضائه وقدره نافذ بلا مٌقيد أو مستأنف .. فهو ليس له شريك في ملكه وسلطانه .. فوجود الشريك سيجعله نظيرا في الحكم والملك ؛ ويجعل له من الأوامر والنواهي ما يٌكلف به العباد - ومنهجا ليحكم به عليهم ، يختلف به عن منهج نظيره .. ومن ثمًّ سيجد التعب والعناء والضياع - كل مٌكلفا من العباد .. (َو قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ .. ) نعم - الحمد لله على أنّه لا إله إلا إله واحدا .. له نعبد وله نستقيم .. إذن فهناك فرق بين وجود الشريك والنظير وما ينتج عن خلافهم وتنازعهم ، وبين تكليف العباد منهم ، والله عز وجل - حينما ذكر استدلال وحدانيته كخالق وإنفراده في ملكه من استقرار الكون والخلق - وذلك في القرآن .. حيث قال جلّ شأنه ..
( مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91) ) ( سورة المؤمنون )
.. تحدّث - سبحانه وتعالى - بالمنطق المادي ، وجعل العقل هو الحاكم في هذه المسألة لمن يجادل في الإيمان بوحدانية الله .. نجد أنّه حينما ذكر برهان اختلاف الآلهة المشتركة في خلق الكون .. أنّه سبحانه وتعالى- ذكرهم كخالقين - لهم في خلق الكون نصيبا ؛ وأنّهم سيذهبون بخلقهم علوا واستكبارا على بعضهم البعض.. فالشاهد من ذلك أنّهم خلقوا وأوجدوا .. ومادام أنّهم خلقوا ؛ فقطعا أنّهم سَيٌكلّفون خلقهم بالأوامر والنواهي .. ويبقى الخلاف بينهم في صراعهم على السلطان الأعلى بينهم .. قال تعالى:
( قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذاً لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً ) (الإسراء : 42 )
وقول الله تعالى..( بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) .. أي أكثر الناس لا يعلمون هذه الحقيقة - وهى وجود الراحة والاستقرار وذلك من خلال وحدانية الله - جل وعلا - وإنفراده وحده في الملك والسلطان .. وهـذا هـو أول ما نذكره من خواطرنا عن لا إله إلا الله ..


- أما الأمر الثاني الذي نريد أن نتحدّث عنّه .. فهو ( صفة الإلـه الواحد ).. حيث أننا بعد أن تحدّثنا عن وحدانية الإله ووحدانية المعبود .. وذكرنا دلالة وجود الراحة والاستقرار من خلال عبادة إلها واحدا - لا شريك له .. والتمسنا الراحة والنعيم في ذلك نأتي الآن لنعيش مع نعيم أخر أقوى من وحدانية الإله ذلك لأن الإله الذي نعبده هو الله .. أن الإله الواحد الذي نعبده دون شريك هو الله - جلّ في علاه .. نعبٌدٌ الله .. الرحمن الرحيم - الغفور الودود - الحليم الرؤف - الجواد الكريم - أننا نعبدٌ إلها كريما وجوادا - ورحيما بعباده وبخلقه أجمعين.. خلق ليرحم .. وأوجد لينعم .. نعم ، نحن خٌلقنا لنجد النعيم ؛ خٌلقنا وجئنا إلى الدنيا لنجد الإله هو الله - وجدناه الله الرحمن الرحيم .. فماذا لو لم يكن الإله هو الله ..!؟ ماذا لو كان الإله فرعونا .. أو كان الإله هَمَانا .. أو كان قارونا .. أو كان شيطانا رجيما .. أو إبليسا لعينا .. ماذا لو كان الإله ملكا ظالما مستبدا ومستكبرا وجبارا على خلقه ؛ خلقهم ليعذّبهم ويشقيهم - ماذا لو وجدناه إله شريرا ؛ لا ينصف مظلوما ولا يعاقب ظالما ولا يرحم ضعيفا ولا يقهر متكبرا .. فمن ينصرنا منه ومن ينجينا منه وهو المهيمن علينا .. إننا حينئذ لهلكنا وأصبحنا خلقا مكتوبا عليه العذاب والشقاء بدون أسباب أو مقدمات ؛ إذا كنّا في قبضة إله ظالما وشريرا .. و لكن كل هذا لم يحدث .. نحن لم نجد الإله ظالما أو شريرا .. بل وجدناه رؤفا و رحيما .. ولم نجده مستبدا ومغتصبا.. بل وجدناه حليما وأمينا .. وجدناه الله - والحمد لله .. ونحن إذا كنّا نريد أن نتعرف عليه - سبحانه وتعالى ونلتمس من صفاته الجليلة الكريمة ، لنتحسس كرمه وإحسانه علينا فأننا لا نجد خيرا من منهج القرآن الكريم - كتابه العزيز الذي أنزله على رسوله الأمين ( صلى الله عليه وسلم ) - ليكون منهجا يهدينا ويعرفنا بالله تعالى .. ولكننا في حديثنا هذا - لن نستطيع أن نأتي بكل ما خاطبنا به القرآن عن ربنا - جل وعلا ؛ وذلك لأننا نتحدث عن الله ..الله العظيم - فما عرفنا عنّه في دنيانا إلا ما كشف هو لنا - عنّه .. وذلك من خلال كونه وخلقه وآياته وكتبه ومعجزات رسله .. وذلك لأن قدره أعظم ممّا التمسناه نحن بعقولنا وبقلوبنا .. (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ )*
ولكن يكفي أن نقول أن القرآن الكريم كله يتحدث عن قضية واحدة ،ألا وهي قضية الإيمان بالله تعالى ، وإذا كنّا سنشهد بآيات من القرآن عن رب العالمين .. لنظهر النعيم والسعادة في كونه هو إلهنا وربنا ، فإننا سنأتي بآيات تكون مناطا وتحسسا لدليل حديثنا ، ونحن على علم بأنها ليست هي كل شيء عن ربنا ، فالله يلتمس عذرنا أننا لن نستطيع أن نوفّيه حقه وقدره -

وما نريد حديثه عن ربنا - سبحانه وتعالى - من القرآن الكريم ..هو ذكر رحمته الواسعة - علينا ، فهي دليلا وبيانا قويا نتحسس به النعيم والسعادة في كون الله هو إلهنا ..
قال تعالى :
(وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنَا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (54) ) ( سورة الأنبياء)
- إنّه سبحانه وتعالى - كتب على نفسه الرحمة - لأنه يحب أن يرحم عباده ويغفر لهم ، - كتب على نفسه الرحمة - لأنّه هو الرحمن الرحيم - التي سبقت رحمته غضبه .. كتب على نفسه الرحمة - وهو الجبار القهار الذي إذا أراد أن يخسف بنا الأرض- لفعل ولكنّه كتب على نفسه الرحمة ، ولا يحسب أحدا أن الله تتجلى رحمته على المؤمن فقط
كلا .. وألف كلا - بل إن رحمته تجلت حتى على عبده الكافر .. فهي رحمة واسعة ؛ وسعت كل شيء - فأبسط الأمور أننا نجد رحمة الله على الكافر في شربة الماء .. فلولا رحمته ما سقى كافرا - ولا أطعمه ولا رزقه؛ فهو يتعامل بما هو أهله - على كل عباده وهذه هي أبسط صورة من صور رحمته على من كفر به - من خلقه .. وصور رحمة الله بنا كثيرة ولكن عظمة الله في رحمته قد نلتمسها وهي تتجلى على العبد الكافر خصيصا .. ذلك لأن من باب العدل أن لا يرحم كافرا .. ولكنّه يتعامل بأقوى من العدل .. أنه يتعامل برحمته .. قال تعالى :
(وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً (58)) ( سورة الكهف )
- الله عز وجل - قادرا وبلا أي شك - أن يخسف بهؤلاء الكفرة الأرض وأن يريهم العذاب ألوانا وعلى صور متعددة .. ولكنّه (الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ) .. سبحانه وتعالى - يمهلهم إلى يوم القيامة لعل وعسى أن يكونوا مؤمنين أمنين - ولا يمسهم السوء بشيء.. هذا هو تعامل الله برحمته الواسعة مع من كفر به - من عباده .. ومن لم يقبل هذه الرحمة يكون هو الذي اختار بيديه عذاب الله وغضبه .. فلا يحسب أحدا أن الله سيغفل عنّه .. كلا (بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً ) .. وليس هناك أكبر من رد الله عز وجل - على حديث الطبيعة نحوه - جلّ وعلا عن العبد المقصر في حق الله - ذلك الذي يأكل ويشرب من خير الله - وهو لا يؤدي حق الله - وشكر نعمته عليه ..

حيث ذٌكر في الحديث القدسي عن رب العزة - جل وعلا .. أنّ السماء والأرض والجبال والبحار - تثور ردود أفعالهم نحو ذلك العبد المقصر .. متجهون إلى رب العالمين - بإبداء رغبتهم في الانتقام من ابن ادم - الغافل عن كرم وجود ربهم - عليه .. فتقول الأرض : يا رب! هذا الرجل أكل من رزقك ولم يشكرك، اجعلني انشق و ابتلعه، والجبل يقول: يا رب! هذا يأكل من رزقك ولم يشكرك، اجعلني أضمه.. أضيعه.. أميل فوقه، والسماء تقول: دعني يا رب! أنزل عليه غضباً؛ لأنه لا يشكرك، والبحر يقول: دعني أغرقه .. !!
.. فيقول لهم رب العالمين :
( أأنتم خلقتموه ..؟ .. لو خلقتموه لرحمتموه .. دعوني وعبادي .. من تاب إلي منهم فأنا حبيبهم، ومن لم يتب فإني طبيبهم، وأنا لهم أرحم من الأم بأولادها ) ..
أهناك رحمة أعظم من ذلك وكرما أعم من ذلك وجودا أفضل من ذلك.. ذلكم الله ربكم .. وفي قصة ذلك الرجل الذي كان من أهل النار - والعياذ بالله - نجد صورة أخرى من صور رحمة الله - عز وجل - وكرمه وجوده وإحسانه .. حيث جاء في الحديث القدسي أن رجلا كان من أهل النار ، كان يحمل ذنوبا ومعاصي وكبائر تجعله يستحق عقاب الله .. فبعد أن وضع الله - عز وجل - أعماله في ميزان الحسنات والسيئات ، ليحكم على مصيره - تبين له دخوله واستحقاقه لجهنم - وأمر الله - عز وجل - ملائكته بأخذه إلى النار .. فقال.. ( خذوه إلى النار )..فصار الرجل مع الملائكة يلتفت إليهم يمينا ويسارا ..استعجابا واندهاشا بصدمة الأمر . فقال الله - لملائكته ( ردّوه ) .. فقال له الله سبحانه وتعالى ..
( عبدي .. ألك حسنة لم تجدها ) يعني في كتابك الذي قرأته وهو بين يديك - قال الرجل .. لا يا رب ، فقال الله .. ( أرءيت سيئة لم تعملها ) - قال الرجل .. لا يا رب ، فقال رب العزة .. ( فلم تلتفت.. !؟ ) .. فقال الرجل .. ( ما كان هذا ظني فيك يا رب ) .. يعلم هذا الرجل أنّه مستحق للعذاب بفعل أعماله السيئة - ولا يشك لحظة في ظلم الله له .. وحاشا لله أن يظلم أحدا ولكنّه ظن في الله - أنّه سيدخله الجنة رحمة منّه وفضلا ولا يضعه أمام حسناته وسيئاته ليحدد مصيره .. فقال الله - جلّ وعلا - لملائكته .. ( أدخلوه الجنة ) ..
- أهناك كرما أعظم من ذلك .. والله مع ظن العبد به .. كما قال جل ّ في علاه :
( أنا عند ظن عبدي بي فليظن عبدي ما شاء ) .. إنّه لا يقول مثل هذه الكلمات إلا كريما .. إلا جوّادا .. إلا رحيما .. لا يقول هذه الكلمات إلا.. الله .. سبحانه وتعالى .. ذلكم الله ربكم ..
.. هذا هو الله الذي خرجنا إلى الدنيا لنجده هو ربنا وإلهنا .. فالحمد لله على أن الله هو ربنا ولم يكن أحدا غيره إلهنا .. خَلَقَنا ليٌعرفٌنا به ومن أجل أن نعبده ..ولم يُخلقنا ليٌتعبٌنا و يشقينا كما قال جلّ في علا ه .. (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لاعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) ( البقرة : 22 )

- وفي عبادته لا نجد إلا الراحة والنعيم .. ذلك لأننا نعبده على كمال الحب والذل - له .. فلا نجد تعبا ولا نجد ضيقا ـ بل نجد سعادة ونعيما .. وإذا أردنا أن نتحسس ذلك النعيم والراحة ؛ فلنا أن نعلم أولا .. إنّه حينما كلفنا بعبادته .. رحم ضعفنا - فلم يكلفنا بما لا نطيق فعله وتنفيذه .. (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) (البقرة :286) ..
بل أراد لنا التخفيف رحمة بضعفنا .. قال تعالى :
(يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً ) ( النساء:28 ).. فذلكم الله ربكم ..
- وأما ثانيا .. فإنّه في أمر عبادتنا له - جعلنا نعبده على اختيارا منّا ، دون أن يكون هناك قهر منّه - فأعطانا حرية الاختيار بين الطاعة والمعصية ، فمن يأتي ليختار طاعته ويٌقبل على عبادته فهو يعطي خير دليل وبرهان على وجود النعيم في - عبادة الله .. فهو لم يقبل قهرا ؛ بل كان أساس إقباله - بجانب طمعه وخوفه من الله تعالى ، في يوما أعده للحساب - كان حبا وخشوعا له - جلّ وعلا .. قال تعالى :
( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31) )
( سورة الـ عمران )
.. فكانت محبة الله تعالى هي أساس الإتباع في طاعته وطاعة رسوله ( صلى الله عليه وسلم ) - وفي أمر الاختيار - الذي أعطاه الله لنا - بين الطاعة والمعصية نجد رحمته تتجلى أكثر وأكثر.. فكوننا قادرون على المعصية ومن ثم ُّ سنواجه طريق الضلال والخذلان الذي ينتهي مصيره بجنهم - والعياذ بالله .. فإنّه كان بلطفه يٌدركنا .. فلا يختار أحدا منّا طريق الضلال ويسير فيه ألا والله - عز وجل - بعنايته وتوعيته وإرشاده لنا في الظاهر والباطن كان يدركنا .. فلم يتركنا لعقولنا أمام أمر الاختيار ؛ بل عرفنا عاقبة اختيارا .. رحمة بنا ..
قال تعالى ..
(وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً (29) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً (30) أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً (31) )
( سورة الكهف )

وقوله - جلّ وعلا .. (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10) ) ( سورة الشمس )
- وفي طريق الضلال والعصيان .. نجد من يكونوا لهذا الطريق أولياء - ليأخذوا الإنسان إلى الهاوية .. وهم النفس والدنيا والشيطان - لم يغفل الله - عز وجل - عن تحذيرنا منهم .. بل كان برحمته وفضله معنا.. فعن النفس - قال .. (فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) ..
وعلى لسان إمراءةٌ العزيز قال : (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (53)) (سورة يوسف)
- وعن الدنيا .. قال : (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (185) ) .. (سورة الـ عمران)
- أي متاع زائف - غير أبدي وأصيلا لأصحابه.. وحينما وضعها في مقارنة مع دار الآخرة - ليكون اختيارنا على نور وبيان .. قال جلّ في علا :
(وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64) )
- أي هي الحياة .. الأصيلة الأبديّة للناس .. فهي الدائمة الباقية ، وأما الدنيا فهي فانية .. - وأما عن العدو الأول لبني أدم - وهو الشيطان - فقد تجلى ربنا جل وعلا - علينا بكمال رحمته وفضله - ليحذرنا من هذا العدو الأكبر .. فلقد سرد لنا قصته مع أبينا أدم - عليه السلام - في القرآن الكريم - وحدثنا عن أمر السجود لسيدنا أدم - على الملائكة ومن كان بينهم إبليس - وذلك من قبل الله تعالى .. وما نتج عنّه امتناع هذا العدو ( الشيطان ) عن السجود لأدم - والخروج عن أمر الله بعلو واستكبار .. فكان من الكافرين المطرودين من رحمة الله .. وصار بعد - أن كان من المنظرين إلى يوم الدين - من المتوعّدين المتربصين لأدم وذريته .. فعرفنا من ذلك أن الشيطان عدوا لنّا - لا يريد إلا الخذيان والخسران لبني أدم - فماذا لو كان الشيطان - عدوا خفيا ..!! حيث لم يخبرنا ربنا - جل وعلا - عنّه وعن قصة أبينا أدم - معه .. إننا في هذه الحالة لأصبحنا في أمر الضياع والخسران من عدوا يتربص بنا في الخفاء .. ولكن هذا لم يحدث .. فبرحمة الله علينا أخبرنا به وبمكائده وخططه علينا ..
تابع نجوم مصرية على أخبار جوجل


قال تعالى :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )
(النور : 22)
.. ولو لا فضل الله ورحمته - لأصبحنا في أمر الضياع والخسران .. فذلكم الله ربكم ..
- وفي معرفة الله .. نحن نعيش نعيما أقوى من أي نعيم أخر .. ذلك لأننا نتعرف على إلها عظيما بديعا ، إذا كنّا لم نراه في الدنيا ، فإننا نشهد عظمته وقدره من خلال آياته ومخلوقاته في كونه .. كل هذا النعيم نجده في دنيانا - أما في الآخرة فيزداد كرمه وجوده علينا ويعطينا نعيما أبديا ويدخلنا جنته بأعمال بسيطة منّا - قدّرها من احتسابه لنا سيئة بسيئة ، وحسنة بعشر أمثالها .. وهو على السيئة يقبل التوبة ويغفر الذنب ،فلو عظمت ذنوبنا فمغفرته أعظم .. قال تعالى : (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)) ( سورة الزمر)
- فذلكم الله ربكم .. وكأنّه يخلٌقٌنا ليعطينا الجنة .. ولا ينتظر ذنوبنا - ليعذبنا .. قال تعالى :
(وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً (27)) ( سورة النساء )
وقوله جلّ وعلا : (أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (22) )
(سورة النور)
- هذه الصور التي ذكرناها عن رحمة الله .. هي صور ظاهرية ؛ حدثنا عنها ربنا - جلّ وعلا - في القرآن ؛ فهناك صور باطنية لرحمة الله تعالى - تكون في الخفاء .. لا يراها من خلق الله - إلا من يَهبه الله تعالى - نعمة البصيرة .. هذه الرحمات يتجلى فيها ربنا - بلطفه الخفي - وتقديره ؛ ليمنع مكروها قد يصيبنا أو ليخفف ألام مصيبة وقعت علينا ..
( .. إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً ) (الأحزاب : (34) ) )
.. فأي رحمة ولطفا أعظم من ذلك .. ذلكم الله ربكم ..
.. صور رحمته كثيرة لا تعد ولا تحصى .. والحديث عنها لا ينتهي ..
- إننا بعد هذه القطائف النورانية عن رب البرية .. ألا نجد في أنفسنا شكرا وحمدا لله على أنّه لا إله إلا هو وعلى أنّه هو- سبحانه وتعالى إلهنا وربنا ؛ بلى ..له منّا كل الحمد والشكر .. بل إننا إذا كان لنا دورا في اختيار الإله الذي نعبده .. لاخترناه هـو - الله ..
- هذه هي خواطرنا عن كلمة التوحيد .. هذه هي خواطرنا عن لا إله إلا الله .









المقال "سر كلمة لا اله الا الله" نشر بواسطة: بتاريخ:



اسم العضو:
سؤال عشوائي يجب الاجابة عليه

الرسالة:


رابط دائم

مواضيع مشابهة:
قال رسول اللة صلى اللة علية وسلم ( من أعان على قتل مسلم بشطر كلمة لقي الله مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله تعالى )
من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله

Powered by vBulletin Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة © fmisr.com منتديات نجوم مصرية