نجوم مصرية
منتديات نجوم مصرية المنتدى العام المنتدى الإسلامي والنقاشات الدينية



تابع نجوم مصرية على أخبار جوجل




ثواب العبادة إذا اقترن بنفع دنيوي

 



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:


أولاً: لابد من التفريق بين الرياء، وبين مطلق التشريك، حيث إن الخلط بينهما أشكل على بعض الناس،
فحكموا على العبادات التي قصد بها العابد أمراً أقرَّه الشارع بالبطلان، كمن يحج ويتاجر، ومن يجاهد الكفار
لكي ينال الغنيمة ونحوهما. [/b]
ولقد بيّن الإمام القرافي رحمه الله الفرق بينهما في الفروق (3/22، 23) فقال:
"الفرق الثاني والعشرون والمائة بين قاعدة الرياء في العبادة، وبين قاعدة التشريك فيها:
اعلم أن الرياء شرك وتشريك مع الله تعالى في طاعته، وهو موجب للمعصية والإثم والبطلان في تلك العبادة،
فالرياء: أن يعمل العمل المأمور به، المتقرّب به إلى الله تعالى، ويقصد به وجه الله تعالى، وأن يعظمه
الناس أو بعضهم، فيصل إليه نفعهم، أو يندفع به ضررهم.
وأما مطلق التشريك كمن يجاهد لتحصيل طاعة الله بالجهاد، وليحصل له المال من الغنيمة، فهذا لا يضيره،
ولا يحرم عليه بالإجماع ؛ لأن الله جعل له هذا في العبادة، ففرق بين جهاده ليقول الناس: هذا شجاع،
أو ليعظمه الإمام فيكثر عطاؤه من بيت المال، هذا ونحوه رياء وحرام، وبين أن يجاهد لتحصيل السبايا
والكرام والسلاح من جهة أموال العدو مع أنه قد شرّك، ولا يقال لهذا رياء، بسبب أن الرياء أن يعمل ليراه
غير الله من خلقه، والرؤية لا تصحُّ إلا من الخلق.
وكذلك من حج وشرك في حجه غرض المتجر، وكذلك من صام ليصح جسده،
أو ليحصل له زوال مرض من الأمراض التي ينافيها الصوم، ولا يقدح هذا في صومه،
بل أمر بها صاحب الشرع في قوله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج،
ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" أي: قاطع، فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالصوم لهذا الغرض،
ولو كان ذلك قادحاً لم يأمر به صلى الله عليه وسلم في العبادة.
فهذه الأغراض لا يدخل فيها تعظيم الخلق، بل هي تشريك أمور من المصالح ليس لها إدراك، ولا تصلح للإدراك،
ولا للتعظيم، ولا يمنع أن هذه الأغراض المخالطة للعبادة قد تُنقص الأجر، وأن العبادة إذا تجردت عنها زاد الأجر،
وعظم الثواب".
وقد تحدث أيضاً العز بن عبد السلام في قواعد الأحكام (1/117) عما هو قريب من تلك المسألة،
فعقد فصلاً بعنوان "فصل في بيان أن الإعانة على الأديان وطاعة الرحمن ليست شركاً في عبادة
الديان وطاعة الرحمن".
ومثله نقل الشاطبي في الموافقات (5/7) حيث قال:
(فحظوظ النفوس المختصة بالإنسان لا يمنع اجتماعها مع العبادات،
إلا ما كان بوضعه منافياً لها، كالحدث، والأكل، والشرب، والنوم، والرياء، وما أشبه ذلك،
أما ما لا منافاة فيه، فكيف يقدح القصد إليه في العبادة؟ هذا لا ينبغي أن يقال، غير أنه لا ينازع
في أن إفراد قصد العبادة عن قصد الأمور الدنيوية أولى).
فتحصل مما سبق أن إرادة الإنسان بعمله الدنيا ينقسم من حيث الأصل إلى أقسام أهمها:
1- أن لا يريد الإنسان بالعبادة إلا الدنيا وحدها،كمن يحج ليأخذ المال، وكمن يغزو من أجل الغنيمة وحدها،
وكمن يطلب العلم الشرعي من أجل الشهادة والوظيفة، ولا يريد بذلك كله وجه الله ألبتة، فلم
يخطر بباله احتساب الأجر عند الله تعالى، فهذا القسم محرم، وكبيرة من كبائر الذنوب، وهو من الشرك الأصغر
الذي يبطل العمل.
2- أن يريد بالعبادة وجه الله والدنيا معا، كمن يحج لوجه الله، وللتجارة، وكمن يقاتل ابتغاء وجه الله،
وللدنيا، وكمن يصوم لوجه الله وللعلاج، وكمن يتوضأ للصلاة وللتبرد، وكمن يطلب العلم لوجه الله وللوظيفة،
فهذا الأقرب أنه مباح؛ لأن الوعيد إنما ورد في حق من طلب بالعبادة الدنيا وحدها، ولأن الله رتَّب
على كثير من العبادات منافع دنيوية عاجلة، كما في قوله تعالى:
"وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا َيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ" [الطلاق:2-3]،
وكما في قوله تعالى:
"فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ
وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا" [ نوح:10-12].
فهذه النصوص تدل على جواز إرادة وجه الله، وهذه المنافع الدنيوية معاً بالعبادة؛ لأن هذه المنافع
الدنيوية ذكرت على سبيل الترغيب في هذه العبادات، وهذا النوع لا يبطل العلم الذي يصاحبه،
ولكن أجر هذه العبادة ينقص منه بقدر ما خالط نيته الصالحة من إرادة الدنيا.
ثانياً: قد ثبت في صحيح البخاري (ح7457) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
قال: "تكفل الله لمن جاهد في سبيله -لا يخرجه إلا الجهاد في سبيله، وتصديق كلماته-:
بأن يدخله الجنة، أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه، مع ما نال من أجر، أو غنيمة".[/b]
ومن المعلوم أنه قد يحصل للمجاهد الأمران: الأجر والغنيمة، لكن إن لم يغنم يكون الأجر كاملاً،
وإذا غنم ينقص الأجر. كما ثبت في صحيح مسلم (6/47) عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- قال: "ما من غازية تغزو في سبيل الله فيصيبون الغنيمة إلا تعجلوا ثلثي
أجرهم من الآخرة، ويبقى لهم الثلث وإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أجرهم".
قال الإمام النووي معلقاً على هذا الحديث في شرحه لصحيح مسلم (13/52): (وأما معنى الحديث فالصواب
الذي لا يجوز غيره أن الغزاة إذا سلموا أو غنموا يكون أجرهم أقل من أجر من لم يسلم أو سلم ولم يغنم،
وأن الغنيمة هي في مقابلة جزء من أجر غزوهم، فإذا حصلت لهم فقد تعجلوا ثلثي أجرهم المترتب على الغزو،
وتكون هذه الغنيمة من جملة الأجر، وهذا موافق للأحاديث الصحيحة المشهورة عن الصحابة كقوله:
(منا من مات ولم يأكل من أجره شيئاً، ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها)
أي: يجتنيها، فهذا الذي ذكرنا هو الصواب، وهو ظاهر الحديث، ولم يأت حديث صريح صحيح
يخالف هذا، فتعين حمله على ما ذكرنا).
وقال ابن رجب رحمه الله كما في جامع العلوم والحكم(17):
(فإن خالط نيته الجهاد مثل نية غير الرياء مثل أخذه أجرة للخدمة، أو أخذ شيء من الغنيمة أو التجارة،
نقص بذلك أجر جهاده ولم يبطل بالكلية.. وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( إن الغزاة إذا غنموا غنيمة تعجلوا ثلثي أجرهم، فإن لم يغنموا شيئا تم لهم أجرهم).
كما ذكر ابن حجر نكتة لطيفة في معنى الحديث فقال كما في الفتح (6/9):
(روى مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا:
(ما من غازية تغزو في سبيل الله فيصيبون الغنيمة إلا تعجلوا ثلثي أجرهم من الآخرة،
ويبقى لهم الثلث، فإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أجرهم)، وذكر بعض المتأخرين للتعبير بثلثي الأجر
في حديث عبد الله بن عمرو حكمة لطيفة بالغة، وذلك أن الله أعد للمجاهدين ثلاث كرامات، دنيويتان وأخروية
، فالدنيويتان السلامة والغنيمة، والأخروية دخول الجنة، فإذا رجع سالما غانما فقد حصل له ثلثا ما أعد الله له،
وبقي له ثلث، وإن رجع بغير غنيمة، عوَّضه الله عن ذلك، ثواباً في مقابلة ما فاته، وكأن معنى الحديث،
تابع نجوم مصرية على أخبار جوجل


أنه يقال للمجاهد، إذا فات عليك شيء من أمر الدنيا عوضتك عنه ثوابا،
وأما الثواب المختص بالجهاد فهو حاصل للفريقين معًا). والله أعلم.






المقال "ثواب العبادة إذا اقترن بنفع دنيوي" نشر بواسطة: بتاريخ:



اسم العضو:
سؤال عشوائي يجب الاجابة عليه

الرسالة:


رابط دائم

مواضيع مشابهة:
بالصور الرئيس اوباما اول رئيس ينحنى للعلم الفلسطينى نادر جدا

Powered by vBulletin Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة © fmisr.com منتديات نجوم مصرية