نجوم مصرية
منتديات نجوم مصرية المنتدى العام المنتدى الإسلامي والنقاشات الدينية



تابع نجوم مصرية على أخبار جوجل




لماذا الجنه (9)

 

وعيوني معلقة بتلك الحورية الجميلة البيضاء التي ظلت تنتظر .. وتنظر إليّ بصمت كله كلام .. وتعابير تقطر مودة وحناناً كأنها تعرفني .. وقد علقت بي من ألف عام !!
حتى اذا أيست وتأكدت تماما أنه لا لقاء .. وأنها ستعود مفردة بلا رفيق .. طارت إلى السماء !
وتلمست قلبي ……… فلم أجده !!!
لكنها قبل أن تطير نظرت إليّ نظرةً مازال سهمها يخترق أحشائي .. ويشك حبة فؤادي .. نظرةً انهد لها كياني فلم تقم له قائمة حتى الساعة .. ثم قالت كلمة خرجت من فمها ملحنة عذبة كأعذب ما تكون الألحان .. لينة الوقع ساحرة الأثر .. هجمت عليَّ فاخترقت أسوار القلب وحلت منه في أعماقه .. تضرب على أوتاره التي ظلت تتحرك .. وتتحرك دون انقطاع .. ومع كل حركة أو موجة تثور تلك الكلمة وتتخلق من جديد .. فأحيانا أستطيع كظمها .. وأحيانا تفلت مني !
وأحس بها الآن .. الآن كأنها تغريدة بلبل فتان .. حط على فنن جميل .. فأقام فيه لا يريد له فراقا ، ولا عنه حراكا .. فهو دائم التغريد في الصيف والشتاء .. والليل والنهار.. والأصيل والسحر .
قالت بعد أن أيست وقد تهيأت للطيران : ولِّ يا محروم ...
وانطلقت لتغيب وراء الأفق !
آهٍ .. آه ومن يومها عزفت نفسي عن الدنيا .. وزهدت بما فيها ،، ومن فيها وعدت لا أعرفها كما كنت أعرفها .. وما عادت الدنيا تساوي عندي سماع تلك الكلمة مرة واحدة أخرى .. بذلك اللحن من فم تلك الحورية الساحرة !
وهجرت الأهل والوطن وأنا قلق حزين .. أسأل نفسي وأقول : هل أنا محروم حقا ؟ ماذا أفعل حتى أرفع عن نفسي قرار الحرمان،، وأنال صك الغفران من يد الرحمن ؟
وها أنا ذا أجاور الحرم الأمين .. ومنذ سنين .. لعل الرحمن الرحيم ينظر إلي نظرة يرحمني بها، فلا يحرمني مما فاز به أصحابي الذين غادروا أرض الأحزان إلى دار السرور في أحضان الحور .
أيها العشاق ! وأسدل الستار ...
ولو كنت على المسرح لقلت لذلك الصب المستهام والعاشق الولهان : إن أقرب طريق للوصول ، وأغلى ثمن وأرجى عمل مقبول .. هو ما جاءنا على لسان العابد الزاهد والعالم العامل المجاهد الأمام عبد الله بن المبارك يخاطب صاحبه الفضيل بن عياض ذلك العابد الذي جاور الحرمين فهو لا ينفك عن التنقل بينهما يعبد الله جل في علاه وهو قلق تتقاذفه الأشواق بين هذا الحرم وذاك الحرم .. يستبد به الشوق مرة إلى لقاء الحبيب فيشد الرحال إلى (طَيبة) .. ويهوي به فؤاده مرة فيشدها إلى بطحاء مكة ! حتى لقب بـ(عابد الحرمين) فيرسل إليه صاحبه ابن المبارك رسالته هذه من ميدان الجهاد معفرة بغبار سنابك الخيل، مضمخة بعطر دم الشهادة يقول فيها :

يا عابد الحرمين لو أبصرتنا
من كان يخضب جيده بدموعه
أو كان يتعب خيله في باطل
ريح العبير لكم ونحن عبيرنا
ولقد أتانا من مقال نبينا
لا يستوي غبار خيل الله في
هذا كتاب الله ينطق بيننا

لعلمت أنك في العبادة تلعب
فنحورنا بدمائنا تتخضب
فخيولنا يوم الصبيحة تتعب
وهج السنابك والغبار الأطيب
قول صحيح صاعق لا يكذب
أنف امرئ ودخان نار تلهب
ليس الشهيد بميت لا يكذب


- الشهداء والأصفياء لهم ارتقاء في الجنة دونه كل ارتقاء
قال تعالى:  أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ  (الأنفال:4). وقال عز وجل:  هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ  (آل عمران:163) .
وفي صحيح مسلم: (( يُرْفَعُ بِهَا الْعَبْدُ مِئَةَ دَرَجَةٍ فِي الْجَنَّةِ مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ قَالَ وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ )). وكذلك فإن للمتحابين في الله درجاتٍ في الجنة كما تكلمنا عن سابقا وهناك في الجنة سيبدأ الإرتقاء ويا له من ارتقاء في سُلم الجنان، حيث الملكوت، حيث القدسية، حيث القربُ من ملك الملوك سبحانه وتعالى.
يقول الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه: ((إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَرْفَعُ الدَّرَجَةَ لِلْعَبْدِ الصَّالِحِ فِي الْجَنَّةِ فَيَقُولُ يَا رَبِّ أَنَّى لِي هَذِهِ فَيَقُولُ بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ))( ).
وعندها لا بدَّ أن تعلم أن الجنة تتكلم ويا له من كلام ويا لها من عبارات أخّاذة جميلة تخرجُ من هذه الدار وهي موجودة في القرآن الكريم حيث قال الله لها تكلمي فقالت:  قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (المؤمنون:1).
وقال قتادة: لما خلق الله الجنة قال لها تكلمي فقالتْ: طوبى للمتقين.
وستبقى تزداد حسناً وجمالاً على الدوام ليس كحال الدنيا التي نعيشُ فيها ، حيث لا موت فيها ولا فناء ولا زوال كما في الصحيحين من حديث إبن عمر رضي الله عنهما انَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((يُدْخِلُ اللَّهُ أَهْلَ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ وَيُدْخِلُ أَهْلَ النَّارِ النَّارَ ثُمَّ يَقُومُ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ فَيَقُولُ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ لَا مَوْتَ وَيَا أَهْلَ النَّارِ لَا مَوْتَ كُلٌّ خَالِدٌ فِيمَا هُوَ فِيهِ)) خلودٌ فلا موت، اللهم أرزقنا الجنة وما قرب إليها من قول وعمل.
وسيعيش أهل الجنة في أسمى معاني العز وأرقى دلائل الراحة، وسيكون عيشهم كالعيش الذي تكلمنا عنه .
فقد روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهم ان رَسُولُ اللَّهِ () قال: ((يَأْكُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِيهَا وَيَشْرَبُونَ وَلَا يَتَغَوَّطُونَ وَلَا يَمْتَخِطُونَ وَلَا يَبُولُونَ وَلَكِنْ طَعَامُهُمْ ذَاكَ جُشَاءٌ كَرَشْحِ الْمِسْكِ يُلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ وَالْحَمْدَ كَمَا تُلْهَمُونَ النَّفَسَ )).
والله يا رب نسبحك نحمدك ، نعظمك فأنت أهل أن تُعبد وأنت أهلٌ أن تُحمد.
وسيبقون يتذكرون هذه الأيام أيام الدنيا وماذا كنا نفعل فيها كيف كنا نصلي، نتذكر مساجدنا التي تربينا فيها وصلينا وبيوتنا التي نشأنا فيها وأصدقاءنا الذين كانوا معنا في المسجد الفلاني والمسجد الفلاني والمنطقة الفلانية وأحبابنا في الكلية الفلانية وأخواننا في الحلقة القرآنية ، وكيف بعد ذلك مرَت علينا الأيامُ العصيبة يوم أن دمر الأوغاد مساجدنا ويوم ثبتنا وما أنثنينا عن صلاتنا وعباداتنا ومساجدنا وأحبتنا الذين فارقونا تتذكر كل ذلك فهل يا ترى سنتذكر أيام طاعةٍ في الجنة أم سيكون مصيرنا في جهنم والعياذ بالله.
وهذه هي الدنيا ستكون كلها ذكرى... فإن مصيرها الزوال: وصدق من قال:
ذكرى وكل حياتنا ذكرى
جئنا إلى الدنيا بقدرته
فأسأل رعاك الله من ذهبوا
آثارهم تحكي مآثرهم
وحسابهم يبقى لخالقهم
وجميعنا في أرضه أسرى
وبامره نمضي إلى الأخرى
هل خلدوا فيها سوى الذكرى
أو السّرا
كي يُصبح المرهون ذا حُرا

كل هذا وانت تنتظر الزيادة الالهية وتعال معي لتتعرف على الزيادة
تخيل أخي الحبيب أنك دخلت جنة الخُلد وتنعمت فيها، نعيمٌ لَم تَرَ عينٌ ولم يَخطر على بال بشرٍ .
وعندها في لحظة من أرقى وأسمى لحظات الحياة الدنيا ولحظات البرزخ ولحظات القيامة بل حتى لحظات الجنة وأوقاتها... فإذا بك ترى الحُجُب قد رُفعت، فبدا الله عزوجل بكماله وجلاله وجماله، فلما نظروا إليه بأعينهم فإذا بحبيبهم جل جلاله يبدا بالترحيب بهم وقال لهم: مرحباً بعبادي فلما سمعوا كلام الله بجلاله وحسنه غلب على قلوبهم من الفرح والسرور مالم يجدوا مثله في الدنيا ولا في الجنة لأنهم يسمعون كلام من لا يشبه شيئاً من إلا شياء .
أخوتي الأحبة الكلمات هي أشرف كلمات هذه المحاضرة أتدرون لماذا؟ لأنها أجلُّها قدراً وأعلاها منزلة وأقرها لعيون أهل السنة والجماعة كيف لا وأنت سترى وتتكلم مع رب الأرباب وملك الملوك سبحانه وتعالى رب العالمين، خالق البشر أجمعين .. رؤية الله تبارك وتعالى هي التي شمر لها المشمرون وتسابق إليها المتسابقون ولمثلها يعمل العاملون إذا نالها أهل الجنة نسوا ما هم فيه من النعيم ، وحرمانه والحجاب عنه لأهل الجحيم أشد عليهم من الجحيم.
يقول عز وجل:  وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (البقرة:223) . وقال عزوجل:  فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ  (الكهف: من الآية110) . إذن لقاء الله تعالى هو رؤيته عزوجل وقال عز وجل : وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ  لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (يونس:25-26).
أتدرون ما هي الزيادة؟ هي النظر إلى وجه الله الكريم... نعم وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة .. وهي زيادة ونعم الزيادةُ هيَ .
وقد روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث حمادِ بن سلمة عن صهيب قال: ((قرأ رسول الله() (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ) فقَالَ: إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ واهل النار النار نادى مناد يا اهل الجنة ان لكم عند الله موعدا ويريد ان ينجزكموه فيقولون أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنْ النَّارِ قَالَ فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ)) .
تابع نجوم مصرية على أخبار جوجل


أما الكفرة والمشركين فمع الأسف حيث أنهم بكفرهم وعصيانهم لربهم حُجِبوا عن رؤيته:  كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ  (المطففين:15).
عند ذلك وبعد أن كلمك الله أيها الحبيب في جنة الخلد مع النبي الكريم () فإذا بك وأنت تسمع كلام رب الأرباب ستطير روحك وبعدها ستُرد عليه عزوجل: بعد أن حياكم بالسلام أنت السلام ومنك السلام ولك حق الجلال والأكرام..
فيقول لك مرحباً بزواري وعبادي وخيرتي من خلقي الذين رعوا عهدي وحفظوا وصيتي وخافوني في الغيب وقاموا مني على كل حال مشفقين وقد رأيت الجهد منكم في أبدانكم أثرةً لمرضاتي وقد رأيت ما صنع بكم أهل زمانكم فلم يمنعكم جفاء الناس عن حقي تمنوا عليَّ ما شئتم؟ أتدرون أحبتي لِمَ كل هذا؟ سيذكرهم بسبب هذا كله ، سيذكرهم بما كانوا عليه في دنياهم من رعاية عهده وحفظه .
توهم لو رايتهم وقد سمعوا ذلك من حبيبهم يذكرهم ما كانوا عليه في الدنيا من رعاية عهده وحفظه ودوام خوفهم منه وقد استطاروا فرحا لما شكر لهم رعايتهم حقه وحفظ منهم خوفه ورحب بهم محبة لهم اذ كانوا في الدنيا يعبدونه واستطارت قلوبهم فرحا وسرورا اذ لم يفرطوا في طاعته ولم يقصروا في مخالفته فاغتبطوا لما كانوا به لله في الدنيا يدينون من شدة خوفهم ورعاية حقه وحفظه فردوا اليه الجواب مع سرور قلوبهم بالقسم لعظمته وجلاله انهم قد قصروا عما كان يحق له عليهم اعظاما له واستكثارا اذ اثابهم جنته واكرمهم بزيارته وقربه واستماع كلامه فقالوا عند ذلك وعزتك وجلالك وعظمتك وارتفاع مكانك ما قدرناك حق قدْرك ولا ادينا اليك كل حقك فآذن لنا بالسجود فقال لهم ربهم اني قد وضعت عنكم مئونة العبادة وارحت لكم ابدانكم فطالما اتعبتم الابدان واكننتم لي الوجوه فالآن افضتم الى كرامتي ورحمتي فتمنوا علي ما شئتم وفي بعض الحديث انه اذا نظروا اليه خروا فيناديهم بكلامه تبارك وتعالى ارفعوا رؤوسكم ليس هذا حين عمل هذا حين سرور ونظر. أيها الأحبة !
فتخيل بعقلك نور وجوههم وما يداخلهم من السرور والفرح ، حين عاينوا مليكهم ، وسمعوا كلام حبيبهم ، وأنيس قلوبهم ، وقرة أعينهم ، ورضا أفئدتهم ، وسكنَ أنفسهم ، فرفعوا رؤوسهم من سجودهم ، فنظروا إلى من لا يشبهه شيء بأبصارهم ، فبلغوا بذلك غاية الكرامة ومنتهى الرضا والرفعة .
فما ظنك حينها بنظرهم إلى العزيز الجليل ، الذي لا تقع عليه الأوهام ، ولا تحيط به الأذهان ، ولا يكفيه الفكر ، ولا تحده الفطن ، الذي لا تأويه الأرحام ، ولم تنقله الأصلاب ، الذي حارت العقول عن إدراكه ، فكلت الألسنة عن تمثيله بصفاته ، فهو المنفرد بذاته عن شبه الذوات ، المتعالي بجلاله عن المخلوقين بالمساواة ، فسبحانه لا شيء يعادله ، ولا شريك يشاركه ، ولا شيء يريده فيستصعب عليه أو يعجزه إنشاؤه ، استسلم لعظمته الجبارون ، وذل لقضائه الأولون والآخرون ، نفذ في الأشياء علمه بما كان وبما لا يكون وبما لو كان كيف كان يكون ، فأحاط بالأشياء علماً ، وسمع أصواتها سمعاً ، وأدرك أشخاصها ونفَّذ فيها إرادته ، وأمضى فيها مشيئته ، لم يتقدم منها شيء قبل وقته الذي أراد فيه كونُه ، ولَمْ يتأخر فيه عن نهيه ، وكيف يستصعب عليه من لم يكن شيئاً مذكوراً حتى كوَّنه سبحانه الواحد القهار .
فلما سَرَّ أولياء الله برؤيته وأكرمهم بقربه ، ونعَّم قلوبهم بمناجاته واستماع كلامه ، أذن لهم بالانصراف إلى ما أعد لهم من كرامته ونعيمهم ولذاتهم ، فانصرفوا على خيل الدر والياقوت ، على الأسرة فوقها الحجال ، ترف وتطير في رياض الجنان .
فما ظنك بوجوه نظرت إلى الله عز وجل وسمعت كلامه كيف تضاعف حسنها وجمالها ؟ وزاد ذلك في أشراقها ونورها ، فلم تزل في مسيرها حتى أشرفت على قصورها .
فلما بدت لخدامها وقهارمتها وولدانها بادر كل واحد منهم خدامه وقهارمته وولدانه مستقبليه من أبواب قصوره حتى أحدقوا به يزفونه إلى قصوره وخيامه ، فلما دنا من باب قصره وخيامه قامت الحجاب رافعي ستور أبواب قصره معظمين مجلين له ، وبادرت إليه أزواجه ، فلما نظرت زوجته إلى جمال وجهه قد ضوعف في حسنه وإشراقه ونوره ، ازدادت له حباً وعشقاً ، وأشرقت قصوره وقبابه وخيامه وأزواجه من نور وجهه وجماله ، وازدادت أزواجه حسناً وجمالاً ووجاهة وحشمة ، ثم نزلوا عن خيولهم إلى صحون قصورهم ، ثم اطمأنوا على فرشهم وعادوا إلى نعيمهم .
واشتاقوا إلى منادمة إخوانهم ، فركبوا النجائب والخيل عليها يتزاورون ، حتى التقوا على أنهار الجنة ففرشت لهم نمارق الجنان وزرابيبها على كثبان المسك والكافور ، وتقابل الإخوان على السرور والشراب ، فقامت الولدان بالكؤوس والأباريق والأكواب يغترفون من أنهار الجنة ، أنهارهم الخمر والسلسبيل والتسنيم .
فلما أخذت الولدان الكأسات واغترفوا ليسقوا أولياء الرحمن ، لم يشعروا إلا بنداء الله عز وجل : يا أوليائي طالما رأيتكم في الدنيا وقد ذبلت شفاهكم ، ويبست حلوقكم من العطش ، فتعاطوا اليوم الكأس فيما بينكم ، وعودوا في نعيمكم ، فكلوا واشربوا هنيئاً مريئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية، فلا يقدر الخلائق أن يصفوا سرور قلوبهم حين سمعوا كلام مولاهم يذكر أعمالهم شكراً منه لهم ، وغبطة منه لهم ، لما ناداهم إلى معاطاة الكأس للمنادمة بينهم بعد معرفتهم في الدنيا منادمة أهل الدنيا على خمورهم فلو رأيت وجوههم وقد أشرقت بسرور كلام مولاهم واغتباطه لما ذكرهم أعمالهم الصالحة من صيامهم ، وتركهم منادمة أهل الدنيا لمرضاته ، وما عوضهم من المنادمة في جواره ، وما أيقنوا به من سرورهم بمنادمتهم على الخمر والعسل والألبان ، فأعظم به من مجلس ، وأعظم به من جمع ، وأعظم بهم من منادمين في جوار الرحمن الرحيم .
فكن إلى ربك مشتاقاً وإليه متحبباً ،ولاتكن بينك وبينه قاطعاً وعنه معرضاً ، وابتهل في الطلب إلى الله بفضله وإحسانه أن لا يقطع بك عنهم .
هذا هو الحب الحب لله تعالى وللجنان، بل هو أرقى الحب وأجمل الرؤى نعم أحبتي تمر بنا الأيام والأعوام ، وهكذا نتعلم فناً آخر من فنون الحب .. هو أغلى وأرقى .. فصرنا نعرف كيف نتخلص من جاذبية الأدنى .. ونصعد بأرواحنا وقلوبنا إلى فلك العلي الأعلى .. وهناك نتركها تدور .. وتدور لترى من آياته الكبرى .. ( ما كذب الفؤاد ما رأى * افتمارونه على ما يرى * ولقد رآه نزلة اخرى * عند سدرة المنتهى * عندها جنة المأوى * اذ يغشى السدرة ما يغشى * ما زاغ البصر وما طغى * لقد رأى من آيات ربه الكبرى ) !
هل تدرون - أيها الأحبة ! - ما خبرُ جنة المأوى .. التي هي عند سدرة المنتهى ؟
هل السدرة عند الجنة ؟ أم الجنة عند السدرة .. إذ يغشى السدرة ما يغشى ؟
ومع هذه المناظر الباهرة .. والآيات القاهرة ما زاغ بصر الحبيب المصطفى .. وما طغى .. ولسان حاله يقول : ( وعجلت إليك ربِّ لترضى ) !!
إنه على موعد مع الحبيب .. الذي ما بعده ولا قبله حبيب .. فهو عجل يعد الخطى يستبطئها متى يلقاه .. ويحظى برؤياه ؟ ويسمع كلامه.. وينزل عنده .. حيث لا حاجز ولا






المقال "لماذا الجنه (9)" نشر بواسطة: بتاريخ:



اسم العضو:
سؤال عشوائي يجب الاجابة عليه

الرسالة:


رابط دائم

مواضيع مشابهة:
بالصور احدث رسومات الحنه للعرايس-طريقه عمل الحنه النوبيه والسودانيه
فى الجنه يارامى فى الجنه اغنيه محمد سراج لرامى نجم استار اكاديمى

Powered by vBulletin Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة © fmisr.com منتديات نجوم مصرية