شهر رجب في الميزان من الكتاب والسنة

أيام قليلة ونشهد غرة شهر رجب أعاده الله عليكم باليمن والخير والبركات، هو من الشهور الحرم، والأشهر الحرم هي الأشهر التي يحرم فيها القتال والظلم ويفضل فيها كثرة الطاعات والعبادات، والأشهر الحرم هي اربعه اشهر، تبدأ بالشهر المحرم، رجب، ذي القعدة، وذو الحجة، وكما نعلم أن الثلاث الشهور المتواصلة هي ذي القعدة وذى الحجة والمحرم، ويأتي  شهر رجب متفردا، وسط باقي الشهور وقد كانت له ميزة واحترام في الجاهلية، فقد كانت تذبح الذبائح،  وينحرون فيه العتيرة وتقام الولائم خلال هذا الشهر.

فضائل شهر رجب في الميزان

اختلفت أنظار العلماء في صوم شهر رجب، فمنهم من استحبه لأمرين:

كل ما تريد معرفته عن فضل شهر رجب
فضائل شهر رجب

أسباب في تعظيم شهر رجب

وقال عبدُ اللهِ بنُ عبّاسٍ -رضى الله عنهما- في تفسير قوله تعالى: ﴿فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾-كما روى الطّبريّ في (تفسيره)-: «في كلِّهنّ، ثمّ اختصَّ من ذلك أربعةَ أشهرٍ فجعلهنَّ حراماً، وعَظّم حُرُماتِهنَّ، وجعل الذنبَ فيهنَّ أعظمَ، والعملَ الصالحَ والأجرَ أعظمَ»، وعن قتادة بن النعمان (المتوفي سنة 23 هـ) صحابي من الآنصار من بني ظفر من الأوس، بايع النبي محمد بيعة العقبة الثانية، وشهد معه المشاهد كلها، وتوفي في آخر خلافة عمر بن الخطاب.رحمه الله قال: « إنّ الظلمَ في الشهرِ الحرامِ أعظمُ خطيئةً ووزراً من الظلمِ فيما سواهُ، وإنْ كان الظلمُ على كلِّ حالٍ عظيماً، ولكنَّ اللهَ يُعظِّمُ من أمرِه ما شاء. وقال: إنَّ اللهَ اصطفي صَفايا من خلقِه؛ اصطفي من الملائكةِ رسلاً، ومن النّاسِ رسلاً، واصطفي من الكلامِ ذكرَه، واصطفي من الأرضِ المساجدَ، واصطفي من الشهورِ رمضانَ والأشهرَ الحُرمَ، واصطفي من الأيّامِ يومَ الجمعةِ، واصطفي من اللَّيالي ليلةَ القدرِ؛ فعظِّموا ما عظَّم اللهُ؛ فإنّما تعظَّم الأمورُ بما عظَّمها اللهُ عند أهلِ الفهمِ والعقلِ».

شهر رجب
الاحتفال بمناسبة الإسراء والمعراج

كيفية إحياء وتعظيم شهر رجب

حديث أبي مجيبة الباهلي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: “صم من الحُـرُم واترك، صم من الحرم واترك” والحديث رواه أحمد وأبو داود، واللفظ له، ولفظ أحمد: “فمن الحرم وأفطر” وأخرج الحديث أيضاً البيهفي في السنن، وفي الشعب، وابن سعد.
ومنها: حديث أسامة بن زيد قال: قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم شهراً من الشهور ما تصوم من شعبان، قال: “ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم” رواه النسائي وأحمد.

فكُنْ أيُّها الموفَّقُ لهذا الشهرِ معظِّماً، ولفضلِه مغتنِماً، وتُبْ فيه إلى ربِّك، وأقلِعْ بلا رجعةٍ عن سالِفِ خطئِك، وقبيحِ فعلِك، وأصلِحْ فيه من شأنِك، وليكن لسانُ حالِك؛ كما قال الأوّلُ من سلفِك:

     بَيِّضْ صَحيِفَتَكَ السَّوْدَاءَ فِي رَجَبِ     بِصَالِحِ الْعَمَلِ الُمنْجِي مِنَ اللَّهَبِ

     شَهْـرٌ حَرَامٌ أَتَى مِنْ أَشْهُرٍ حُرُمِ      إِذَا دَعَا اللهَ دَاعٍ فِيـهِ لَمْ يَـخِبِ

     طُـوبَى لِعَبْدٍ زَكَى فِيـهِ لَهُ عَمَلٌ      فَكَفَّ فِيهِ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالرِّيَـبِ

ادعية شهر رجب
ادعيه شهر رجب

شهر رجب مثلما ورد سابقا من الشهور المحرم فيها الظلم، ولذا فهو شهر مخصص لصفاء النفس ومجاهدة الشيطان الذي لا يفتئى ينغص علينا حياتنا، وشغلنا عن الطاعات، ولكن يجب أن نعلم أن رسولنا الكريم لم يذكر أو يفرض إي سنن أو عبادات خاصة بهذا الشهر، رُويت أحاديثُ كثيرةٌ موضوعةٌ أو منكرةٌ ضعيفةٌ، وأخبارٌ عديدةٌ غير صحيحة؛ تدلُّ على استحبابِ إحياءِ بعضِ ليالِي هذا الشّهرِ، أو فضلِ المداومةِ على الصِّيامِ، وإخراجِ الزّكاةِ في أيّامِ هذا الشّهرِ، وجميع الأحاديثُ والأخبارُ لا تصلُحُ أن يعتمدَ عليها في إثباتِ مشـروعيّةِ تخصيصِ شهرِ رجبٍ بتلكَ العباداتِ؛ حيث تشريع العبادةَ في الإسلامِ  لابد أن يكون إلّا بدليلٍ ظاهرٍ من الكتابِ الكريمِ، أو من صحيحِ سنّةِ خيرِ الآنامِ، وما عدا ذلك غيرَ مقبولٍ، ومردود على  كل من ردده، لقوله صلى الله عليه وسلم -فيما رواه مسلم-:«مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ».

ادعية شهر رجب
أدعية شهر رجب

أنّ شهرَ رجبٍ لم تثبت فيه فضيلةٌ مخصوصةٌ لعبادةٍ من العباداتِ، ولكنّ هذا
لا يعني أنّه لا يشرع فيه التّعبّدُ -لا على اعتقادِ فضيلةٍ مخصوصةٍ- بما ثبت من نوافلِ الطّاعاتِ، والأعمالِ الفاضلاتِ؛ من صلاةٍ، وصيامٍ، وصدقاتٍ، وغيرِها من القرباتِ؛ الّتي هي فيه أكثرُ فضلاً، وأعظمُ أجراً؛ لأنّه شهرٌ حرامٌ، وليس كسائرِ أشهرِ العامِ؛ ولهذا قال الإمامُ النّوويُّ
رحمه الله في (شرح صحيح مسلم) (8/39): « وَلَمْ يَثْبُت فِي صَوْمِ رَجَبٍ نَهْيٌ وَلا نَدْبٌ لِعَيْنِهِ، وَلَكِنَّ أَصْلَ الصَّوْمِ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ، وَفِي سُنَن أَبِي دَاوُدَ «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَدَبَ إِلَى الصَّوْمِ مِنْ الأَشْهُر الْحُرُم، وَرَجَبٌ أَحَدُهَا» [حديث أبي داود: «صم من الحرم واترك» في إسناده من لا يعرف؛ كما قال ابن حجر في (تبيين العجب) (ص/3)].

معجزة الإسراء والمعراج

شهر رجب هو الشهر الذي شهد أكبر معجزة، معجزة الإسراء والمعراج، ففي السابع والعشرين من هذا الشهر، أسري بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وعندما صعد  بنبينا محمد إلى المسجد الاقصى، فتحت له أبواب السماوات السبع وتمت معجزة المعراج وعرج بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ليرى، آيات ربه الكبرى.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد