العلامة التجارية وخطواط التسويق والانتشار الناجح لها

بعدما تمكن المنتج من إنشاء علامته التجارية، ووفر لها كافة وسائل الانتشار والنجاح، يظل كل ذلك محصورا داخل جدران المنشأة، ولن تكتب له شهادة النجاح الحقيقية إلا بالتسويق العلمي والمدروس له، وإلا ذهب كل ذلك المجهود أدراج الرياح.

علامة تجارية ناجحة

علامة تجارية ناجحة

التسويق الجيد للعلامة التجارية

 

يعتبر التسويق هو المرحلة النهائية لبناء العلامة التجارية، وهي لحظة إطلاقها للعالم معلنين ظهور منتج معين أو ميلاد شركة معينة، ويجب أن يتم وضع مخطط دقيق لهذه المرحلة، بحيث يتم دراسة أفضل توقيت لعملية الإطلاق، والوسائل ومجموعة الإعلانات وأنواعها وتوقيتات عرضها، وأن يكون المنتج جاهزا للعرض على الجمهور، ومترجما حقيقيا للعلامة التجارية، متجانسا مع الرسائل العديدة التي تم إطلاقها من خلال العلامة التجارية.

والآن نتعرف على نموذجين للعلامات التجارية، حققت إحداهما نجاحا وانتشارا، بينما انهارت العلامة الثانية بعدما كانت على قمة العلامات التجارية في تخصصها، وسوف نتعرف من خلال هذه النماذج على أسباب النجاح والفشل.

قصة تسويق علامة تجارية ناجحة

حققتها ZARA التي أطلقها أمانسيو أورتيجا، الذي عاش حياة فقيرة في المنطقة الصناعية ببلدة (لاكورونا) بشمال إسبانيا، ومارس حياته كعامل توصيل الملابس لأثرياء المدينة بعدما ترك الدراسة ليعمل ويساهم في دخل الأسرة، وكان عمله هو السبب في تفكيره في أن يجعل الملابس الحديثة متاحة لجميع الطبقات.

بدأ أورتيجا في الترفي في عمله بالمصنع الذي يعمل به في لاكورونا حتى أصبح مساعدا للخياط، وجعله مركزه هذا يكتسب المزيد من الخبرات، وما زال حلمه يكبر معه.

ومع العمل الجاد والصبر ووضوح الهدف تمكن أورتيجا من الوصول إلى مركز مدير لأحد أشهر المتاجر بالمدينة، وما زال حلم إنتاج ملابس رخيصة الثمن يداعبه ويتمكن منه.

بدأ أورتيجا رحلة إنتاج الملابس لحسابه الخاص بحياكة الملابس في منزله من أقمشة رخيصة الثمن وبيعها، من أجل ادخار مبلغ مناسب لافتتاح أول مصنع ملابس خاص به، وحقق ذلك وقد بلغ السابعة والعشرين من العمر، وكان ذلك في عام 1963، كان أورتيجا ينتج الملابس ويقوم بتسويقها في جميع المحلات ومتاجر الملابس في كافة أنحاء إسبانيا، وكثيرا ما كان يقوم بنفسه بهذا العمل.

في عام 1075 كانت خبرات أورتيجا قد نضجت ونطاق عمله وعملائه اتسع، فقرر إطلاق علامته التجارية الحالية ZARA مستخدما تاج لاين “ملابس على الموضة بأسعار مناسبة”، وافتتح أول متاجره في المركز  التجاري في لاكورونا، موطن بداياته حيث لاقى نجاحا كبيرا.

وأعقب نجاح المتجر الأول في لاكورونا نجاحات متتالية في جميع أنحاء إسبانيا، وأثبتت العلامة التجارية ZARA وجودها وقيمتها السوقية.

في عام 1085، بدأ أورتيجا إطلاق علامة تجارية جديدة بمشاركة زوجته روزاليا، والتي كانت تساعده في أيام كفاحه الأولى بتطريز الملابس التي يقوم بحياكتها، وأطلق على العلامة التجارية الجديدة اسم “إندتكس”، وأصبحت بذلك العلامة التجارية الرئيسية، والتي تبعها بعدد من العلامات التجارية الفرعية مثل “ماسيمو ديوتي”، و”بول أن بير”  والمقصود من ذلك بناء عددا من العلامات التجارية بغرض تلبية احتياجات قطاعات متنوعة من العملاء، وينتج ملابس تتوافق مع كافة الأذواق.

وفي عام 1989 احتفل أورتيجا بافتتاح متجره رقم 100 متوجا رحلة نجاح لعلامة من أهم العلامات التجارية العالمية، والتي أسسها وبناها بحلم بدأ صغيرا، ثم دعمه بالدراسة والعلم والخبرة، وظل يسعى لسنوات طويلة حتى وصل إلى قمة النجاح بعلامته التجارية العالمية ZARA.

والآن نتعرف على قصة علامة تجارية حققت قمة النجاح والانتشار، وتبعتها الملايين في كل أنحاء العالم، ثم هوت من علٍ.

 

قصة فشل سوء تسويق علامة تجارية بعد النجاح

بعد اكتشاف عوامل النجاح لم يسلم البعض أيضاً من الفشل، وسوف نتعرف الآن على واحدة من أشهر العلامات التجارية التي بقدر ما حققت نجاحا باهرا، ألا أنها لم تسلم من الوقوع في الفشل، إنها شركة نوكيا الفنلندية التي تخصصت في إنتاج الهواتف المحمولة في نسختها الأولى.

وهذا المثل لابد من دراسته جيدا ليكون دليلا لأصحاب العلامات التجارية الناجحة ليتقوا خطر الوصول إلى هذا المصير.

كيف كانت البدايات

كان الظهور الأول للشركة في عام 1865على يد مؤسسها المهندس فريدريك أيديستام، وانحصر نشاطها في صناعة الأخشاب والورق.

وبعد انتها ءالحرب العالمية الثانية اتجهت لمجال الاتصالات، والإلكترونيات، وبدأت في إنتاج الهواتف المحمولة في ثمانينات القرن الماضي حيث أطلقت هواتف نوكيا التي اكتسحت الأسواق العالمية على الرغم من وجود منافس قوي لها وهي شركة موتورولا التي استحوذت على قطاع كبير من عملاء أمريكا، لكن ظلت العلامة التجارية نوكيا الأكثر انتشارا وقبولا على مستوى العالم كله.

الوصول إلى الفشل

من الطبيعي ألا يستقر السوق على حال، خصوصا في دنيا الهواتف الذكية والتطور الرهيب في التكنولوجيا وعالم الاتصالات، وبدأت الأحوال في التغير مع ظهور هواتف آبل التي استخدمت تكولوجيا متقدمة جدا، وقدمت منتجا شديد التطور لدرجة لم تستطع شركة نوكيا أن تلاحقها، وفي نفس الوقت كانت العيوب الفنية في هواتف نوكيا قد بدأت تتفاقم دون حلول جذرية لها.

ظهر في الأفق منافس آخر جديد وهو شركة سامسونج، وتميزت سامسونج بأنها ادخلت على منتجها، أحدث تقنية تم الوصول إليها وطرحتها بأسعار تنافسية، في حين لم تقدم شركة نوكيا أي جديد، بل ظلت متمسكة بأساليبها القديمة.

اعتمدت نوكيا نظام سيمبيان في إصداراتها الأولى قبل ظهور (التاتش) أو اللمس للتشغيل، واستمرت عليه بعد ظهور استخدام اللمس لتشغيل الجهاز.

ومع إصدارنوكيا النسخة إن 9 بنظام مي جو، حققت طفرة مؤقتة لم تستغلها بنجاح، بل تراخت في دعم النظام الجديد ولم تدعم فريق المطورين الواعد الذي أنتج لها هذا النظام، مما دفع بهم إلى التخلي عن نوكيا  واتجه للتعاون مع جوجل وأنتج نظام اندرويد المفتوح الذي يسمح للمبرمجين بالدخول على نظام التشغيل وتعديله ليتوافق مع التطبيقات المختلفة، فكانت الانطلاقة الكبرى للنظام الذي تربع على عرش أنظمة التشغيل حتى الآن.

حاولت نوكيا المنافسة بنظام ويندوز المقفول لكنه فشل بسبب اعتمادة على مجموعة تطبيقات محددة، وعدم مرونته للتوافق مع كافة التطبيقات الحديثة التي كانت تنهمر على المخازن الإلكترونية، مما تسبب في إعاقة أي جهود جديدة لاسترداد المكانة المرموقة للعلامة التجارية الأشهر في عالم الهواتف الذكية، وكان أوان التحرك قد فات، وأصبح سهم العلامة التجارية في أحط حالاته لتصل قيمته لما دون 4$ للسهم.

أسباب الفشل

تم حصر الفشل في الأسباب التالية:

  • أجمع الدارسون على أن مشاكل نوكيا لم تكن مادية أو مالية، ولا بسبب حروب عمت المنطقة، أو أحداثا جسيمة تركت آثارها على المنتج، ولكن كانت المشكلة الرئيسية أن اصحابها استمروا على خطط عفا عليها الزمن، ولم يستشعروا التطور التكنولوجي السريع الذي لحق بإنتاج الهواتف الذكية.
  • تمسكت الشركة بنظام تشغيل مغلق حد من عملية التوافق والانتشار المرجوة، فلم تستطع مجاراة الاقتحام الذي احدثه نظام آبل وسحب به البساط من تحت أقدام نوكيا.
  • التعديلات الطفيفة التي أدخلتها الشركة من خلال نظام ويندوز، وتزويد الهاتف بكاميرا إضافية لم تحقق لها التقدم المطلوب في ظل ظهور نظام أندرويد المرن والمستوعب لكافة التطبيقات الحديثة.
  • لم تستطع نوكيا تطوير خدماتها كما في الشركات المنافسة، وكذلك قصور تطبيقاتها مع نظام تشغيل منغلق أفقدها القدرة على الصمود والمنافسة.
  • زادت المنافسة الشرسة من الشركات المنافسة أمثال آبل وسامسونج من اتساع الهوة بين نوكيا والمنافسين الرئيسيين، ومنافسين جدد ظهروا على الساحة مثل بلاك بري الكندية، وتوالت الخسائر حتى أعلن الرئيس التنفيذي للشركة عن توقف النشاط بشكل نهائي وتم بيع الشركة لميكروسوفت. وبذلك انتهت اسطورة علامة تجارية طالت عنان السماء، وتسبب القصور في التفكير والرؤى وعدم مواكبة التطور إلى نهايتها بهذا الشكل الدرامي، لتكون درسا لكل من يسعى لبناء علامة تجارية يتعرف من خلالها عناصر النجاح ومطبات الفشل.

قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد