إدموند جيمس أحد الأحفاد وجهوده في بناء الدولة العبرية | الجزء الثانى

في عام 1982 ميلادية أصدرت دولة إسرائيل عدة فئات مالية ورقية من عملة الشيكل الإسرائيلى وكان من بين هذه الورقات المالية فئة ال500 شيكل في حجم 76×159مم ولونها أحمر ويوجد في أحد أوجهها عنقود عنب أمَّا في الواجهة الأخرى فتوجد صورة البارون إدموند جيمس دى روتشيلد، فمن هو هذا الرجل الذي تعتز به إسرائيل كل هذا الإعتزاز لدرجة وضع صورته على عملة ورقية؟
وهنا سنتناول أحد الأحفاد للعائلة الأسطورية وجهوده في بناء الدولة العبريه،
إدموند جيمس روتشيلد هو إبن مؤسس فرع باريس كما مضى في الجزء الأول من هذه السلسلة، وسنتناول هنا أبرز ملامح حياة هذا الحفيد الذي كان يعمل بجد وإخلاص من أجل المساعدة بقوة في إقامة دولة إسرائيل على أرض عربية (فلسطين)،
وهذا ما أشارت إليه هذه الخطوة، خطوة وضع صورة له على العملة الورقية لدولة الكيان الصهيونى على أرض فلسطين.
إدموند جيمس أو باللغة العبرية بنجامين، هو الإبن الأصغر لجيمس ماير روتشيلد ولد في 19 أغسطس عام 1845 في بولون-بيانكور إحدى ضواحى باريس في فرنسا وهو بهذا التاريخ قد نشأ في عهد الجمهورية الفرنسية الثانية وكذلك في عهد الإمبراطورية الفرنسية الثانية التي أسسها لويس نابليون بونابرت عام 1852.
هو رجل أعمال وفنان وجامع تحف مهتماً بالعلوم وله إسهامات كبيرة في متحف اللوفر بفرنسا، حيث كان عضو فاعل في معهد الفن في باريس وكان ضمن المثقفين المعدودين في فرنسا في ذلك الوقت.
كان إدموند أو بنجامين جيمس داعماً قوياً منذ عام 1882 لفكرة بناء مستوطنات لليهود في فلسطين وذلك لتخفيف الضغط على اليهود في شرق أوروبا من الإضطهاد الأوروبى وفي نفس الوقت لا يرى إمكانية حدوث هجرة جماعية إلى فلسطين لأنها في نظره لن تستوعب أعداد اليهود من جهة ومن جهة أخرى حتى لا ينتشر الخبر بين الحكومات الأوروبية فيقوموا بطرد اليهود بالقوة من ممتلكاتهم وأعمالهم، لكنه بعد ذلك اقتنع برأى تيودور هيرتزل الأب الروحى للصهيونيو العالمية، وكانت العائلة على مستوى الدول الخمس تجمع التبرعات تحت مسمى الإستثمار في مجال الزراعة في الشرق الأوسط.
تقلد إدموند منصب رئيس شركة السكك الحديدية في فرنسا والتابعة لفرع آل روتشيلد وقام بالمساهمة بقوة في بناء المستوطنات في فلسطين ومن أبرز هذه المستوطنات:
1: ريشون لتسيون: وهى مدينة تقع جنوب تل أبيب ومعناها حرفياً “الأول إلى صهيون”
2: زخروف يعكوف: وهى مدينة تابعة للواء حيفا في إسرائيل وأصل التسمية هو ذكريات يعقوب عليه السلام.
3: روش بينا: وهى مستوطنه كانت قد أنشئت في عام 1878 لكنها لم تستمر أو بالأحرى لم تصمد أمام مقاومة الفلسطنيين في جنوب شرق صفد لكن بفضل إدموند جيمس وتبرعاته السخية عادت عملية البناء من جديد حيث قام بالتبرع بما يقرب الخمسة ملايين جنيه إسترلينى في تلك الفترة لدعم بناء المستوطنات.

إدموند روتشيلد
إبن جيمس

وقام إدموند في عام 1883 بشراء قطعة أرض كبيرة في فلسطين لإنشاء مزرعة كبيرة نموذجية وأطلق عليها مزرعة “بيتى سليمان” وهو إسم والدته، ولقد قام بزيارة إلى فلسطين في عام 1887 برفقة زوجته إديلايد روتشيلد على متن يخت حمل إسمه عبر ميناء بورسعيد إلى يافا ثم السفر إلى القدس لتفقد أعمال البناء للمستوطنات والتي استغرقت خمس سنوات منذ 1882 وهو تاريخ إحتلال بريطانيا لمصر.
وظل دعم بنجامين المإلى مستمراً وغير قاصر على بناء المستوطنات فحسب بل ساهم في تأسيس مشروعات تنموية وإقتصادية حيث ساهم في إنشاء هيئة لإنتاج الكهرباء في فلسطين عام 1921 وقام بتبنى العديد من الصناعات كصناعة النبيذ والزجاج، كما قام بإنشاء جمعية أسماها (جمعية الإستيطان اليهودى في فلسطين) وعين إبنه جيمس رئيسا لها وذلك للإشراف على المستعمرات التي قام هو بإنشائها والتي قامت بالإستحواذ على 125،000 فدان من الأراضى الفلسطينية لإقامة عدة مشروعات تجارية، كبناء المطاحن والملاحات في عتليت في حيفا عام 1903.
ولم تقتصر إسهامات إبن جيمس على المشاريع الإقتصادية فحسب بل قد ساهم كعضو مؤسس في بناء الجامعة العبرية بالقدس وأنشأ العديد من المدارس والمعابد وساهم بشكل كبير في وضع فلسطين تحت الإنتداب البريطانى بنفوذه وذلك بالتنسيق مع أبناء عمه في إنجلترا للتمهيد فيما بعد لإستصدار وعد بلفور وزير خارجية بريطانيا آنذاك في حكومة ديفيد لويد رئيس وزراء بريطانيا في ذلك الوقت، كما نظم أول هجرة جماعية لليهود الأشكناز( يهود شرق أوروبا) إلى فلسلطين في العام 1882.
ولقب أحباء صهيون إدموند جيمس ب”أبو المستوطن الصهيونى” وأطلق عليه المحسن المعروف لطلبه بأن يبقى مجهولا ولا يعرف أحد ما يصنع لرغبته في العمل بتعاليم جده ماير خاصة مبدأ السرية التامة.
وتم تعيينه رئيسا للوكالة اليهودية ” الجهاز التنفيذى للحركة الصهيونيه” تكريماً له ولمجهوداته الكبيرة.
مات إدموند عام 1934 في فرنسا وتم نقل رفاته في عام 1952 إلى “رمات-هناديف” بين مستوطنة زخروف يعكوف وبنيامينا في في دولة الكيان الصهيونى على أرض فلسطين.
رمات-هناديف
جدير بالذكر أن”رمات-هناديف” هى حديقة عامة الآن في إسرائيل أنشئت خصيصا لتكون ذاكرة حية للبارون بنيامين جيمس روتشيلد الذي لعب دوراً كبيراً في الإستيطان الصهيونى وإغتصاب أرض فلسطين، ويأتى إليها اليهود والسياح من أنحاء العالم المختلفة لإحياء ذكرى الصهيونى الوفي إدموند جيمس روتشيلد.
ولقراءة الجزء الأول من هذه السلسلة إضغط هنا.


قد يهمك:

عن الكاتب:

التعليقات مغلقة.