ظاهرة “التوك توك” في مصر.. هل هو أحد الحلول العملية للبطالة أم خطر أمني ومجتمعي !

التوك توك.. ظاهرة انتشرت بشكل كبير جداً في أغلب محافظات مصر وبسرعة كبيرة تدعو للتعجب أصبح أحد العلامات المميزة للشارع المصري، وفي حين يعتبره البعض أحد أهم الحلول العملية لمشكلة البطالة في مصر حيث استوعب أعدادا هائلة من الشباب، بالإضافة للباحثين عن تحسين مستوى معيشتهم من خلال أعمال إضافيه. إلا أن وجهة النظر الأخرى تحمل “التوك توك” مسئولية ظهور العديد من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والأمنية في مصر!

توك توك

وفي هذا المقال الذي لا يرقى بالطبع لأن يكون دراسة وافية وكاملة لهذا الملف الذي يتجنب الكثير من المسئولين فتحه، إلا أننا سنحاول استعراض أهم إيجابيات وسلبيات هذه الظاهرة والخطوات التي يجب تنفيذها من الدولة تجاه هذه الظاهرة.

توك توك

هل لانتشار ظاهرة التوك توك في مصر إيجابيات!

في البداية لا يستطيع أحد أن ينكر أن مركبات التوك توك وفرت فرص عمل للعديد من الشباب وأصبحت مصدر دخل أساسي للعديد من الأسر، بالإضافة لكونها حلت واحدة من أكبر مشكلات مصر في المناطق الشعبية والقرى والمراكز الريفية والشبه حضرية، وهي مشكلة المواصلات الداخلية والتي كان من الصعب تنظيمها بسبب ضيق الطرق وعدم تمهيدها، ولكن مركبات التوك توك نجحت في اجتياز هذا العائق وربما كان ذلك أحد أهم أسرار سرعة انتشارها في جميع محافظات مصر.

أهم مخاطر وسلبيات التوك توك في مصر

لكن على الجانب الأخر، هناك العديد من السلبيات والمشكلات التي تسبب عدم تنظيم هذه الظاهرة في بدايتها في تفاقمها ونحددها في بضع نقاط أهمها :

– عدم إدراج جميع قائدي التوك توك (ويستثنى بالطبع من يتخذ التوك توك كوسيلة دخل إضافي وهي نسبة قليلة) من أي أنظمة اجتماعية أو صحية يضمن لهم الحق في حياة كريمة عند التقاعد أو الحوادث لا قدر الله وهو ما يهدد ألآف الأسر مستقبلا بتحولها إلى قطاعات ما تحت خط الفقر.

– الزيادات الضخمة والمتزايدة في استهلاك الوقود، فبالرغم من عدم وجود أي إحصاءات رسمية لحصر أعداد مركبات التوك توك في مصر، لكن العديد من التقارير والأبحاث والدراسات تتحدث عن تجاوز أعداد مركبات التوك توك لأكثر من 2 مليون مركبة تتحرك يوميا في أنحاء جمهورية مصر العربية، وهو ما يعني استهلاك أكثر من 5 مليون لتر وقود يوميا على أقل تقدير.

– زيادة كبيرة في معدلات جرائم السرقة بالإكراه والنشل من المشاه والاختطاف والاغتصاب والمخدرات والبلطجة – باستخدام – أو اعتمادا على مركبات التوك توك كأداة أساسية.

– تفاقم مشكلة التكدس المروري بالمناطق الشعبية لغياب ثقافة الالتزام عند سائفي التوك توك بأدنى قواعد المرور أو على الأقل آداب الشارع.

– زيادة معدلات التسرب من التعليم، فقد ساهم التوك توك بشكل لا يمكن إهماله على خروج عدد كبير من الأطفال من سن 9 سنوات من التعليم واللجوء مباشرة إلى قيادة التوك توك التي توفر له مصدر دخل سريع ومربح ووسيلة للهو والترفيه على أنغام الموسيقى أغلب اليوم.

– من أكبر المشكلات التي تسبب فيها ظهور التوك توك في مصر تدهور الصناعات الحرفية والعمالة فقد أصبحت قيادة التوك توك مصدر دخل مربح ولا يتطلب جهدا بدنيا مقارنة بالأعمال الحرفية كالنجارة والحدادة وأعمال البناء والسباكة ويظهر ذلك واضحا بشكل كبير في مجال المعمار حيث يشتكي أغلب العاملين في قطاع المقاولات من نقص العمالة الماهرة الخاصة بمجال أعمال البناء.

– بالرغم من استيعاب التوكتوك لأعداد لا يمكن حصرها من الشباب الباحث عن فرص عمل، ولكن بالنظر للأمور بشكل أوسع فإن دمج هذه الأعداد الهائلة في قطاع خدمي هو خسارة في حد ذاتها لطاقة كبيره من المفترض أن يتم الاستفادة بها في القطاعات الإنتاجية، وبمعنى أخر أن هذه الأعداد الرهيبة من الشباب تحولت إلى قطاع “استهلاكي” جديد يضاف إلى قائمة الـمستهلكين وليس لقائمة “المنتجين” وبالتالي لا يمثل هذا القطاع أي إضافة لإجمال الناتج المحلي.

دور الحكومة في مواجهة مخاطر انتشار ظاهرة التوك توك

وبالنظر لبدايات ظهور مركبات التوك توك في مصر وتحولها سريعا إلى ظاهرة لا يمكن إيقافها، نجد أن الحكومة وقتها والتي لعبت دور “المشاهد” ساهمت بشكل كبير في تفاقم الظاهرة وخروجها عن السيطرة برفضها لسنوات طويلة الاعتراف بمركبات التوك توك بشكل رسمي، بل والأدهى من ذلك أنها لم تتخذ إجراءات حاسمة تماشيا مع موقفها الرافض – وليكن بحظر دخوله إلى مصر مثلا – بل ظلت تسمح بدخوله بشكل طبيعي وفي نفس الوقت ترفض الاعتراف به رسمياً كمركبات يحق لها الترخيص مما تسبب في انتشار “سرطان” التوك توك في كل محافظات مصر.

– وعندما حاولت الحكومة اتخاذ  أولى خطواتها نحو تقنين أوضاع التوك توك وتضمينه داخل قانون المرور كان ذلك وفقا لرؤيتها فقط وبعيدا عن مطالعة وقراءة الواقع برؤية حقيقية، فخرجت علينا الحكومة برؤية غير واضحة لإجراءات ورسوم وأماكن الترخيص والأعباء المترتبة عليها، كلها كانت في حد ذاتها أسباب ” ُتنفر” ولا “تُرغب”.. وكأنها تقولها صراحة ً لكل صاحب توك توك ” حذار من محاولة الترخيص “، في حين أنه من المفترض التيسير في إجراءات الترخيص بل وإعطاء حافز ودافع للترخيص على الأقل في المراحل الأولى.

ونذكر من الشروط الواجبة المطالبة بفواتير الشراء معتمدة من جهة المرور التابع لها التاجر المعتمد كتاجر بيع لهذه المركبة والإفراج الجمركي، وهو شرط قد لا يتوفر إلا للمركبات الجديدة فما هو الحل للمركبات التي دخلت إلى مصر منذ 2007 وتم تداولها بشكل غير رسمي ! بالإضافة لإجمالي رسوم ودمغات وتأمين على سائق يتخطى الألف جنيه، وإجراء تعديلات في مواصفات المركبة قد تستلزم مبالغ إضافية.

وكان من الواجب على الحكومة تبسيط وتحفيز الشباب على إجراءات تسجيل المركبات رسمياً وذلك بتبسيط الإجراءات والإعفاء من الرسوم الخاصة بالتسجيل لمدة عامين مثلا كفترة انتقاليه مع تشديد إجراءات العقاب على المخالفين والمركبات الغير مرخصة، بالإضافة لوجود اقتراحات عديدة قدمت على أن يتم التعامل مع مركبات التوك توك من خلال الوحدات المحلية بدلا من وحدات المرور وإن كان ذلك لم يلق قبولا لدى الكثيرين لسابق التجارب الغير مشجعة عند التعامل مع قطاع المحليات.

ومع استمرار الظاهرة.. تظهر من الحين للأخر محاولات مجتمعية لتقنين أوضاعه بشكل “عرفي” أو ” مجتمعي” من خلال الأهالي أنفسهم بإعطاء أرقام محددة مميزة لكل مركبة أو تحديد ألوان بعينها لكل منطقة.. إلا أنها غالبا ما تكون محاولات غير موفقة نتيجة ابتعادها عن المعايير الرسمية وغياب آليات الثواب والعقاب.

 


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد