حصة الألعاب تزيد التحصيل وتمنع إكتئاب الصغار

ليس صحيحاً كما يعتقد كثير من الأباء والأمهات أن حصة التربية الرياضية التي كادت أن تنقرض في مدارسنا أنها تلهى أولادنا عن الدراسة وتشغلهم عن تحصيل دروسهم.

ما يجمع عليه خبراء الطب النفسى وأطباء العظام أن التلميذ عندما يمارس هواياته الرياضية داخل المدرسة يكون أكثر نشاطاً وحيوية ويكون قادراً على التحصيل والمذاكرة، فالرياضة تحقق له التوازن الداخلى وتبعد عنه متاعب التوتر والقلق والإكتئاب كما أنها قد تكون فاتحة خير أمامه لأن يصبح نجماً رياضياً فيما بعد وتتخاطفه الآندية.

إن للتربية الرياضية في المدارس أهمية عظيمة حيث أنها تنمى جسد الطفل وعضلاته.. لأن العضلات تخضع لقانون الإهمال والإستعمال، فالعضلة التي لا تُستعمل يصيبها الضمور ويتعريها الهزال، فلننظر إلى طفل أصيب بكسر في أحد أطرافه السفلى ووضع في الجبس لعدة شهور، وعندما يفك الجبس نقارن بين طرفيه السفليين، فنجد أن الطرف السليم الذي كان خارج الجبس لم يصيبه الضمور، بينما الطرف الذي كان ممنوعاً من الحركة لوضعه في الجبس ضامراً هزيلاً.

ومن ثم فإن التربية الرياضية للطفل تنمى عضلاته وتناسقه الجسدى وهو الأمر الذي ينعكس على الطفل نفسياً فيعتز بجسده وتناسقه وإكتماله.

كما أن ممارسة الرياضة تنمى لدى الطفل التوافق العصبى الحركى الذي قد يتأخر لدى بعض الأطفال تأخر نضج الجهاز العصبى. فضلاً عن ذلك، فإنها تزيد من سرعة نمو ذلك التوافق العصبى الحركى للطفل، وهذه ما نلاحظه من خلال لمسات الطفل بقدمه لكرة القدم لأول عهده بها، حيث نجد أن قدمه غير متوافقه مع ما يرغب فيه من تحكم في الكرة، ولكن بعد فترة من الممارسة نجد أن التوافق العصبى العضلى قد نما وأصبح يتحكم في الكرة كما ينبغى.

تساعد حصة الألعاب الرياضية في المدرسة كمادة دراسية على إعطاء الطفل الشعور بأهمية المحافظة  على صحته الجسدية والإهتمام بها.

لأن إهمال بعض الأباء لممارسة الرياضة وإطلاق لفظ “لعب” عليها يقلل من قيمتها في حياة الطفل.

تحقيق التوازن الداخلى

ومن فوائد ممارسة الرياضة في المدارس تحقيق التوازن الداخلى للطفل ويجعله ينام نوماً مستريحاً، وذلك أن هناك طاقة ذهنية يخرجها التلميذ في تحصيل العلم ومذكراته، وهذه مصحوبة بيقضة وإنتباه لكى تحقق هدفها وهو العمل الذهنى، وإن لم تخرج الطاقة الجسدية بالتوازى لتلك الطاقة الذهنية، فإن التوازن بينهما يختل ويحدث التوتر الذي يتمثل في غياب النوم الطبيعي وعدم القدرة على الإسترخاء الكامل وه ما يصيب التلميذ بالشعور بالإجهاد، وقد يشكو من ألآم جسمانية مع ضعف القدرة على التركيز الذي يصاحبه النسيان.

وما يجب أن يعيه الأباء والأمهات أن حصة الألعاب وممارسة التلميذ للعبته الرياضية المفضلة تجلعه يخرج توتره وتقيه من زياذة إفراز هرمون الكورتيزون الذي يزداد في حالات التوتر، وهذا الهرمون حيث يزداد يقلل من نشاط جهاز المناعة فيصاب التلميذ بالأمراض الميكروبية والفيروسية، وزيادة هذا الهرمون أيضاً تُحدث الإكتئاب للتلميذ، كما تحدث ضموراً، في جزء من المخ هو “الهبوكبس” وهذا الجزء يرتبط بالذاكرة للأحداث القريبة وبالتإلى يرتبط بقدرة التلميذ على التعلم، ومن ثم يصاب التلميذ المتوتر بالنسيان للمعلومات وتقل قدرته على التعلم، والرياضة تُخرج هذا التوتر بصورة منتظمة وتقى التلميذ نتائج التوتر المؤلمة.

وتعد ممارسة الرياضة البدنية وقاية وعلاجاً للإكتئاب الذي يصيب التلاميذ، وذلك أن الإحباطات الأسرية والإجتماعية والمدرسية والإقتصادية للتلميذ تولد عدواناً بداخله وإذا واجه التلميذ هذا العدوان تجاه نفسه فإنه يصبح مكتئباً، وينتابه الزهق والضيق واليأس وعدم الإقبال على أنشطته المدرسية مع ضعف التركيز والنسيان وضعف القدرة على التفكير والإبتكار.

والرياضة تقلل فرصة حدوث الإكتئاب فتحدث الوقاية، والمكتئب عندما يمارس رياضة بدنية يخرج عدوانه للخارج في صورة الطاقة التي يبذلها فيقلل إكتئابه.

وتعد علاجاً لإضطراب السلوك لدى أطفال المدارس، حيث لوحظ من الدراسات العلمية أن التلاميذ مضطربوا السلوك هم الذين يتشاجرون ويمارسون العنف مع غيرهم ويسرقون ويكذبون ويدمرون ممتلكات لغير وأشياء المدرسة وينتهكون القوانين بصفة ثابتة. وعندما يتم إشراكهم في المباريات والمسابقات الرياضية يقل إضطراب سلوكهم.. بل ويختفي تماماً عندما يُحرزون تفوقاً رياضياً، حيث يحرصون على صورتهم أمام الأخرين ويصبحون أكثر قبولاً وطاعة للقوانين سواء المدرسية أو المجتمعية.

إن الطفل لاشك سوف يلعب وقد يكون لعبه بصورة عشوائية ودون رقابة من مدرس متخصص ودون حدود، الأمر الذي يعوده الفوضى والعشوائية وعدم الإنضباط.

إما إذا أتيحت له ممارسة الرياضة في المدرسة من خلال إشراف فإنه سوف يعلب طبقاً لقوانين اللعب ويلتزم بها لوجود المدرس الذي ينظم ذلك، وبذا يتعلم التلميذ إحترام القوانين حتى من خلال اللعب، فيتعود الإلتزام ويتخلى عن الفوضى وبذا يكتمل نمو الضمير لديه من خلال اللعبة التي يحبها ويمارسها.

نجوم المدارس

أصبح للتربية الرياضية في حياة أطفالنا خاصة أهمية كبيرة، حيث أصبح الآن من أهم مهام الطب الرياضى الحديث هو إنتقاء اللاعبين في سن مبكرة، وعمل الدراسات الفسيولوجية والتشريحية والنفسية لتوجيه الطفل إلى الرياضة المناسبة، وفقاً للقياسات العلمية مع عمل الدراسات التوقعية للتنبؤ بمستقبله الرياضى.. وهذا يتوقف على دور التربية الرياضية بداية من سنوات الدراسة الأولى وحتى الجامعة لتحديد نوعية الرياضة التي قد يتفوق فيها الطفل، فهناك مثلاً رياضة التحمل والجلد ورياضة السرعة، ورياضة القوة ورياضة الرشاقة والمرونة.. وكل نوع من هذه الرياضات تتطلب مواصفات جسمية وفسيولوجية وتشريحية ونفسية محددة وراثياً..أى أن الرياضة أصبحت الآن علماً.

وفي فرنسا والدول المتقدمة في الرياضة يبدأ الطفل التعود على الوسط المائى من عمر أربعة أشهر، فيوضع الطفل بمساعده أمه في أحواض السباحة حتى تبدأ الإنعكاسات الفعلية العصبية في النشاط، وتعمل عضلات العمود والأطراف على الإنقباض والإنبساط إستجابة لتأثير التيارات المائية، ويبرر العلماء أن الطفل قادر على تعلم السباحة قبل تعلم الوقوف والمشى، لأن الطفل بطبيعته قد عاش في وسط مائى أثناء وجوده في رحم أمه فيسهل عليه التأقلم في الوسط المائى. ووفقاً لهذه الحقيقة الفسيولوجية المهمة يبدأ الطفل في التدريب على فنون السباحة في عمر عام، وربما يجيد السباحة قبل بلوغ عامين.

بالإضافة إلى هذا يجب أن يبدأ الطفل في عمر عامين في تعلم فنون الجمباز لأن هذه الرياضة تكسب العضلات والأربطة المرونة والإطالة اللازمة وتكسب المفصل أقصى مدى حركى حتى عمر أربع سنوات ومن عمر أربع سنوات تبدأ مراحل الإنتقاء والتوجيه لإختيار الرياضة المناسبة للطفل. وفي سن السابعة يبدأ الطفل في تعلم التقنية السليمة وتلقين إستيعاب تكنيك الحركات الرياضية، وبشكل ممتع وجذاب يأخذ شكل اللعب أكثر من شكل الرياضة.. ومن الرياضات المناسبة في هذه السن فنون الألعاب الجماعية مثل كرة القدم وكرة السلة وكرة اليد الطائرة.

وفي سن تسع سنوات يبدأ الطفل في تنمية مهارات التحكم ومهارات الحركة مع تحسين التوافق العضلى العصبى ولا ينبغى التركيز على اللياقة البدنية ولا على التمرينات اللاهوائية في هذه السن.

وسن أثنى عشر عاماً حتى أربعة عشر عاماً والتي هى بداية مرحلة البلوغ فهذه الفترة في غاية الحساسية والأهمية لأن كثيراً من التغيرات النفسية والسلوكية والفسيولوجية تحدث في هذا الوقت ويحدث أقصى معدلات النمو في أجزاء الجسم المختلفة سواء جسدية أو نفسية.

وفي سن الخامسة عشر عاماً يبدأ الإهتمام الحقيقى باللياقة البدنية والحمل وزيادة الجرعات التدريبية لإكتساب القوة للعضلات، وتبدأ في هذه السن الرياضات بشكل تدريجى لزيادة الحمل وفقاً لخطوات النمو. ويمكن في هذه المرحلة إكتساب مهارات رفع الأثقال مع عدم القيام بأحمال ثقيلة إلا بعد التأكد من تمام إكتمال نمو الهيكل العظمى في حوإلى سن ستة عشر عاماً.

ثم في هذه المرحلة من العمر أثناء فترة تكون فيها الأربطة والعضلات أكثر صلابة، فإنه ينبغى الإهتمام بتمرينات المرونة. والإطالة لإكتساب العضلات والأربطة المرونة اللازمة لمنع التمزقات العضلية.

 

 

 


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد