أفنان (الباقية في الوجدان) بقلم الكاتب محمد شباط

نعم إنها تبقى ساكنة  في الوجدان، هي طفلتي ثمرة عمري وفاكهة حياتي  وهي أكثر بلاغة  من الوصف  من  كافة مسميات الحب وأكثر من معاني العشق والهيام. هي أرق من نسمات الصبح وقطرات الندى وهو يودع بزوغ الفجر حين تنير الشمس أجواء النهار وقت الصلاة والدعاء والابتهال لله ليحفظها، وهي أصفي من سماء الفرح حين تكون صافية زرقاء حين تشرق  شمس النهار فوق البسيطة جمعاء.

حين  رأيتها لأول مرة أحسست بخفقان قلبي كشلال بلوري هادر، أو كصواعق بارقة تخبط في الأرض الجرز فتحيلها نارا ونورا !

شعرت بأوتار الغرام ومعانيه السامية، ليس كما عرفها جميل وبن الملوح وسائر العشاق بل كما فهمها يعقوب بن إسحق ورابعة العدوية  الشهيرة، الحب العظيم بفطرته وبديهته   وامتداداته التاريخية المشرئبة.

لم أعرف أن كفي الواجفة نبشت في ذاتي، تكشف عن عالم غير محدود ولا مقيد في الفؤاد المعنى.

كانت راقدة على سريرها   الأبيض كالملاك، على كرتبة  وثيرة بيضاء  مثل الثلج، تنعم بدفء خاص   في غلالة من حرير، ومسجاة بغطاء سندسي بذوق  حورية في جنان  الرضوان قد أعدها الله لمن هم من الصالحين الذين رضي عنهم.

ربما أكون قد تساءلت في داخلي عن سر هذه الشمس الساحرة، كيف لم تشرق من زمن؟ أم أنها كانت مكنوزة في غياهب القدر بدرا عندما تقفز الآفاق وتحل العتمة؟ ! إحني علي  يا سفر الغيب بحنانك المعهود  :مع بشاشة الموقف الآسر، تخدشه صبابة اللحظات بسيف الزمان وزحمة الفصول، أبث مفردات قصيدتي وحكايتي  المقحمة إلا أن تسفر عن مروجها الثائرة ببارد بسام مثل عصفورة شاطرة.

هي ليست  حلما حقيقا  ولكنها أروع حلم عرفته بيقظتي، وهي ليست خيالا ولكنها أحلى من خيال القمر ليلة بدره. عيناها السمراوان  كبحر هائم سادر قد أنعسته أشعة الغروب بألوانها الغامقة وإذا هما كعالم من الطهر والبراءة يفيض جلالا وبهاء وتضاريس عجيبة. وجهها الملائكي المدور كنقش من نور وشهد من نحلة تنتج عسلا يشفي العليل، يفور حلوا وقطرا طيب الطعم. ربما لم أعرف كيف أخط بقلمي مداد هذه الغالية لكني عرفت كيف يولد الحب كأقحوانه حقل بالربيع  باسقة كالنخلة  تكون وليدة اللحظة في المهجة المتيمة بها ،

عرفت كيف أطير من هذه الأرض الثقيلة الأعباء لأصبح من رعايا الحب العذري  واخلق إلى أبعد الكواكب وما بين الصحو والإغماء..والكسوف والإيماء وجدتني قد رفعت غزالتي إلى كعنقود من البلح، كبيت من خلايا النحل برتابة ملكة النحل، أنشودة عذبة ينشدها العازفون  من عالم  الخرافة والأساطير. ولأن اختلاط الحب في الجوارح  تطغى عليه  فورة شريدة لم أقو على العوم في بحر  المشاعر وجنون الحماسة، وإذ بالوجدان يرنو نحو امتحان صعب حين غصت في وجدانها !

لقد قالوا :إن الحب يضيء النفس البشرية ويهزها هزا، فتستريح على مهاد من العواطف النبيلة، ترشها بالعبير وتنثر حولها الياسمين، فلا يرضى المحب إلا أن يغتسل بماء السماء بالماء الطهور تسكبه عليه يد حانية، ليتسامى فوق السديم، يرف كالحلم ويتوضأ بالمسك، ويضم من يحب داخل دائرة العطر ويحوم به عبر سحابة وردية لا أجمل ولا أحلى.

وقلت :إن الحب وحي السماء إلى الأرض، ورسالة الجمال الملهم الأصيل الذي يثير النفس ويؤنس الخاطر

هي زهرة السوسن وبسمة السنين، جاءت لتزيح كثيرا من مرارة الدنيا وذبول النفس. أنظر إلى شعرها السامق الطويل كخيوط تبر ناعمة، وإلى ثغرها الماسي الصغير كورد محمرة وكل ذلك قد لا يتناسب مع نديات كالدر تنبعث من بلبلة غريدة تناغي أعذب الألحان بحداء شفيف رخيم تطربه الأفئدة والألباب هو صوت طفلتي  في بكائها المدلل مرة بعد مرة. حبيبتي هي ونور عيناي وجنتي والبشائر، تراها حيية مهذبة صفية نائلة هيفاء، وهادئة لكنه الهدوء الذي يسبق العاصفة!.

عندما أخف  منها قبلة على وجنتها أندمج بشعور خاص من السعادة وألمس نعيم  الحياة وتمتلئ خلاياي جسدي  شوقا مجدداً لضمها  ويثار  في القلب مزيداً من الحنين فأضرع إلى الله بنشوة وابتهال أن يحفظها دوماً وأن يحرسها بعين عنايته التي لا تنام. وأن أكون ممن أضناهم الحب بأزهاره وأفراحه وأشواكه وأشواقه.

هي الحبيبة والمشاغبة كأميرة قادمة لحياتي   من بلاد بعيدة، الوداعة سمتها  العذبة  كحمامة تهدل في فنن، هي /ابنتي الصغيرة والأولى /وقد تجاوزت من عمرها الآن الستة أشهر من الحب والبهجة وأمتع الأيام.

إن هذه ليست رؤى عين..ونبضات قلب أو نجوى ضمير..وهتاف نفس..بل هي علامة تعجب من الذين لا ينظرون إلى الحب العظيم إلا من خلال زاوية ضيقة توهج غرائزهم الجنسية عبر ما يسمى بالأدب زوراً، وهو أدب مكشوف لا يعتمد إلا على الفراش فحسب، وبعدها يتركون أروع ما أبدع الله تعإلى من صور أخرى تترنم بها قيثارة  الطيور في الصباح وهي  يا واحة السعد والمجد المؤمل والحب العظيم.ربما طمعت في أن تكوني الوحيدة الجميلة  فقط لبابا وماما، أو حتى لزوج المستقبل القادم، بيد أن ذلك وإن كان في لحظة لا يمنع الطموح الأكبر والهدف الأجل في أن تحملي لواء الدعوة والفكر أن تجسدي بمسيرتك سيرة أسماء ذات النطاقين  ونسيبة المازمية  وخوله بنت الأزور، أن تكوني رمز فداء وعطاء، وأن تبلغي أرقى مراتب  العلم والثقافة من حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.. .

هذا ما أبتغيه من ربي عند كل صلاة يا طفلتي الحبيبة أن أرى حلمنا بك يكبر وتتحقق الأحلام التي طالما حلمنا بها أنا ووالدتك لك .


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد

4 تعليقات
  1. غير معروف يقول

    قطعة قلبي ونبض فؤادي

    1. محمد شباط يقول

      شكراً جزيلاً. أصدرت الآن ديواني شعر. أمانيكم. ووجع. 5359330516

  2. غير معروف يقول

    أعجبني الكلمات والمصطلحات التي أخذتني لدنيا الخيال والحب الغير مبرر ..شكرا لك واتمنى متابعتك دائما

    1. غير معروف يقول

      من القلب شكراً. هي مشاعر تسيل بها الأقلام من مداد الروح