نبأ سار لكل مرضى “فيروس سي” في مصر

شركات أدوية عالمية تخطط لاستثمار تجربة مصر مع الفيروس لإنتاج أدوية رخيصة الثمن مخصصة للدول الفقيرة

 

 

خصصت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية تحقيقا موسعا، عما أسمته “تجربة مصر مع فيروس التهاب الكبد الوبائي”، المعروف أيضاً باسم “فيروس سي”.

وقالت الصحيفة الأمريكية، نبأ يمكن أن يكون سارا لكل مرضى “فيروس سي” في مصر، ألا وهو أن شركات الأدوية العالمية تخطط حاليا لاستغلال مصر؛ لتجربة أنواع جديدة من الأدوية المعالجة للفيروس رخيصة الثمن مخصصة للدول الأكثر فقرا.

وتعد مصر، أكبر دولة في العالم يوجد بها إصابات “فيروس سي” في العالم، حيث وصل عددهم إلى أكثر من 7 ملايين نسمة، بحسب تصريحات وزير الصحة المصري “عادل العدوي”، في تصريحات سابقة، ولكن الرقم الفعلى قد يكون أكبر من ذلك بكثير، حيث أشارت عدد من الإحصائيات إن عدد المصابين بالفيروس في مصر لا يقل عن 10% من عدد السكان.

السبب

تحدثت الصحيفة الأمريكية عن سبب انتشار الفيروس بصورة جنونية في ربوع مصر، وأرجعته إلى عدم اهتمام وزارة الصحة بتعقيم المراكز والوحدات الصحية، خاصة في فترة محاربتها لمرض البلهاريسيا في أوائل التسعينات.

ونقلت الصحيفة عن عدد من الممرضات، اللاتي كن يعملن في تلك الفترة، كانت طوابير الراغبين في الحصول على تطعيم البلهاريسيا طويلة، وكنا لا نملك حقنا بلاستيكية، وكنا نغلي الحقن، ولكن مع طول الطوابير كان تعقيمها ليس جيدا.

وقال بدوره أحد المرضى “عبد الجواد العابد”: “كان يتم غلي الحقن، ولكن الطوابير طويلة، كانت الحقنة الواحدة الساخنة تضرب إلى خمسة أشخاص دفعة واحدة”.

وتابع قائلا “كنت حينها مدرسا في أحد المدارس، وكنت لا أرغب في أن تلمس الحقنة الساخنة جلدي، فانتظرت دوري أن أكون الشخص الخامس، وها أنا مصاب بفيروس سي، وأنفقت كل ما لدي من أموال في علاجه”.

 

الطريقة

وشرحت الصحيفة الأمريكية، كيف أن الشركات العالمية ترى أن تجربة بحجم مصر، يمكن أن تثمر عن إنتاج أدوية مشابهة لـ”سوفالدي”، و”هارفوني”، ولكن رخيصة الثمن.

وقالت “نيويورك تايمز” إن الثمن الباهظة لتلك الأدوية، جعل طوابير العلاج على المستشفيات المصرية “طويلة” بصورة مبالغ فيها، وهو ما يدل على حجم الكارثة، التي تعيشها مصر؛ جراء ذلك المرض.

كما فتح ذلك أيضاً الباب على مصراعيه أمام “مافيا” تجارة الأدوية، التي باتت تستغل الأمر، وحاجة الناس للعلاج لبيعه بثمن أكبر، أو طرح نسخ منه قليلة المفعول، تؤدي إلى تدهور حالة المرضى بصورة كبيرة.

وأشارت الصحيفة إلى أن الاستراتيجية الجديدة التي ستتبعها شركات الأدوية العالمية، قد يمتد تأثيرها بصورة كبيرة ليس فقط في مصر، بل في كل أنحاء العالم، وبالأخص في الدول الأكثر فقرا؛ خاصة وأنها قد تخفض علاج إلى 500 دولار أمريكي فقط، أي ما يوازي 4000 جنيه مصري، بدلا من 1000 دولار أمريكي، أي ما يوازي 8000 جنيه مصري.

كما سيساهم هذا في تحسين الخدمات الصحية بشكل عام في مصر، خاصة وأن علاج “فيروس سي” يستهلك نحو ثلث ميزانية الصحة في مصر كل عام.

تحذير

لكن حذرت منظمة “أطباء بلا حدود” من أن منح السيطرة الكاملة لذلك الأمر لشركات الأدوية، سيجعل الدول والمواطنين عرضة لأن تتاجر تلك الشركات بهم، وأن ترفع السعر وقتما شاءت.

وطالبت المنظمة الحكومة المصرية بضرورة إبرام اتفاقات ملزمة مع تلك الشركات؛ حتى توفر الأدوية بالسعر الذي ترغب به الحكومة.

 

ونقلت الصحيفة عن دكتور “جمال عصمت”، أخصائي الكبد في كلية الطب بجامعة القاهرة، وأحد أعضاء الخطة الوطنية لمكافحة التهاب الكبد، قوله: “نعرف جميعا أن الجهاز الحكومي في مصر يعاني من عقود فساد طويلة، فما الذي سيضمن أن الدواء سيصل فعليا إلى مستحقيه بالسعر العادل؟، ما الذي سيضمن ألا تظهر لنا سوق سوداء جديدة توفر للمواطنين الحصول على الدواء الرخيص مقابل مادي أكبر؟، ينبغي حل تلك القضايا قبل البدء في ذلك المشروع”ز

وأبدت كذلك الشركات الدولية قلقها من إمكانية تسرب تلك الأدوية إلى السوق السوداء، وقال “جريج إتش ألتون”، نائب الرئيس التنفيذي لشؤون شركات الأدوية الامريكية: “هذا أكثر ما نخشاه في مصر، وسنسعى بكل قوة وسنستخدم كل أساليب الرقابة الصارمة؛ حتى لا تتسرب تلك الأدوية إلى السوق السوداء، ونأمل أن تساعدنا الحكومة المصرية في ذلك الأمر”.

 

 


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد