نجوم مصرية
منتديات نجوم مصرية المنتدى العام منتدى الحوار العام



تابع نجوم مصرية على أخبار جوجل




نيلسون مانديلا .. الحكاية الكاملة .. الجزء الأول

 



نحن الآن أواسط عام 1918 .. العالم على صفيح ساخن .. فالحرب العالمية الأولى تضع أوزارها .. ووباء الأنفلونزا اللعين ينتشر فى كل بلاد العالم أجمع .. ويحصد مئات الأرواح بلا هوادة ..

قصر فرساى المقر الرئيسى للحكومة الفرنسية يستقبل وفد " المؤتمر القومى الأفريقى " الذى ذهب إلى هناك لينقل للعالم أجمع معاناة الملايين من أبناء الشعوب الأفريقية من الاستعمار ..

وكان فى جنوب أفريقيا مازال البيض يتفننون فى استنزاف آدمية السود .. وإذلالهم .. وفى واحدة من أجمل مناطق البلاد وأكثرها فقراً .. وبين المساحات الشاسعة من التلال المتموجة بالعشب الأخضر الشاحب والأكواخ الدائرية المسقوفة بالقش .. والرعيان الذين يسوقون قطعانهم .. حيث تقع قرية قونو بمنطقة ترانسكاى فى أفريقيا الجنوبية على بعد حوالى 600 ميل جنوب جوهانسبرج .. وهى قرية صغيرة على ضفاف نهر مباش فى مقاطعة أومتاتا .. وتحديداً فى الثامن عشر من يوليو من هذا العام .. ولد مانديلا واسمه الأول الحقيقى " رولى هلا هلا " .. وأحيانا يطلق عليه أسم ماديبا .. لكنه فى الحقيقة اسم قبلى محلى يطلق على عائلة مانديلا .. وهو اسم يدل على التقدير والاحترام.

[ALT="نيلسون مانديلا .. الحكاية الكاملة .. الجزء الأول"]http://i222.photobucket.com/albums/dd226/isolde123456789/NMISR/Man_zpsdf51d750.jpg[/ALT]

وفى المراحل الأولى من صباه كان مانديلا يسمع أخبار أجداده ملوك شعب التمبو .. فيشعر أنه فى زمن لا يعترف بالملكيات الغابرة .. خصوصاً بوجود التمييز العنصرى وانهيار المجتمع الزراعى التقليدى . ويصف أنطونى سامبسون كاتب سيرة مانديلا منطقة ترانسكى التى شهدت ولادته بأنها واحدة من أجمل مناطق البلاد وأكثرها فقراً .. فالآفاق الشاسعة من التلال المتموجة بالعشب الأخضر الشاحب والأكواخ الدائرية المسقوفة بالقش .. والرعيان الذين يسوقون قطعانهم تقدم صورة من العهد القديم عن الحياة الريفية الأزلية بأبهى صورها .. إلا أن هذا الجمال سطحى فحسب .. فالأرض أخذت تضيق بالسكان والتربة الرقيقة متآكلة إلى درجة لا يمكنها تغذية أكثر من مجموعة قليلة من الأبقار والأغنام العجفاء فيما يزرع السكان مساحات قليلة متفرقة بالذرة.

وكان والده أحد رؤساء القبائل .. ووارث الزعامة عن أجداده الذين كانوا يعتبرون ملوكاً .. وقبل مولد مانديلا بثمانية أعوام ضمت منطقة ترانسكى إلى أتحاد جنوب أفريقيا عام 1910 .

الأبوان


لا توجد معلومات كثيرة عن والدته أكثر مما ذكر فى أكثر من موضع من كونها ذات جذور كردية من أقليم كردستان .. وأنها كانت الزوجة الثالثة لوالد نيلسون من بين أربع زوجات تزوجهم الأب .. وكانت تسمى " نوز - كينى - فانى " .. وهى تنتمى لعشائر الإكسهوسا .. وعندما ولد نيلسون مانديلا كان له ثلاثة عشر أخاً .. أربعة ذكور وتسع أناث .. بينهم ثلاث شقيقات من نفس الأم والأب .. بينما كان هو الأصغر بين الأبناء جميعاً بالنسبة لأبيه وأمه.

وأقام مانديلا بين المدرسة وبيت أمه أو بيوت زوجات أبيه .. حتى قال لاحقاً أنه فى جميع مراحل حياته كان يشعر بالراحة مع النساء .. خصوصاً القويات القادرات على إقامة علاقات صداقة مجزية .. وعاش مانديلا طفولة قلقة بعد طرد والده هندراى من منصبه كشيخ للقبيلة.

مشاكسات الأب


دخل والده مع السلطات الحكومية البيضاء فى منازعات نتج عنها حرمانه من الرئاسة فى شعبه التمبو الذى كانت تحكمه أسرة والد مانديلا منذ زمن طويل .. حين رفض الأب المثول أمام القاضى للتحقيق فى شكوى ضده تقدم بها أحد الرعايا البيض .. وفى تلك الأيام لم يكن لفرد أن يعصى أمراً لممثل حكومة البيض واعتبر تصرف والده اعتراضاً على حكم البيض .. واتهم فوراً بالعصيان ولم يجر استجواباً أو تحقيقاً فقد كان ذلك حقاً للموظفين البيض فقط .. وقام القاضى بعزل والده ببساطة وأنهى بذلك رئاسة عائلة مانديلا للإقليم.
تابع نجوم مصرية على أخبار جوجل



يقول مانديلا فى سيرته : الشئ الوحيد الذى منحنى أياى والدى بخلاف الحياة .. والبنية القوية .. والصلة الوثيقة بعائلة تمبو الملكية هو رولى هلا هلا .. اسمى عند الميلاد .. والمعنى الحرفى لاسمى هو نزع فرع الشجرة ولكن معناه الدارج هو المشاغب .. ورغم أنى لا أؤمن الأسماء تصنع قدر الأنسان لكن فى السنوات التى تلت صار الأصدقاء والأقرباء يعزون الزوابع التى سببتها وواجهتها إلى اسمى .. ولم أكتسب أسمى الإنجليزى المألوف حتى يوم التحقت بالمدرسة.

يضيف مانديلا : لم أكن وقتها أدرى بتلك الأحداث ولكنى تأثرت بها . لقد فقد والدى - الذى كان من النبلاء بمقاييس ذلك الزمن - ثروته ولقبه. وقد حرم من معظم قطعانه وأرضه ومن ريعها . ونتيجة لعسر ظروفنا فقد رحلت أمى إلى قونو .. وقضيت أيام صباى فيها ومن هناك يمكننى استعادة أولى ذكرياتى.

الفقر عنوان الطفولة


كانت قرية قونو فقيرة جداً .. وكانت الذرة والفاصوليا والفول والقرع تمثل الجزء الرئيسى من طعامنا ولم يكن ذلك لتفضيلنا إياها ولكن لأن الناس لم يكن فى مقدورهم الحصول على أطعمه أخرى .. أما العائلات الأكثر ثراء فكانت تضيف إلى ذلك الشاى والقهوة والسكر.

أما المياه المستعملة فى الزراعة والطهو والغسيل فكانت النسوة ينقلنها من الجداول والينابيع .. وفى صغرى كنت أقضى معظم وقت فراغى فى المروج ألعب وأتعارك مع صبية القرية وكان الصبى الذى يقضى وقته ملتصقاً بأمه أنظر أليه على أنه مخنث . وفى الليل كنت أقتسم طعامى وبطانيتى مع أولئك الصبية.

وعندما عملت بالرعى لم أكن قد تجاوزت الخامسة حيث كنت أسهر على الأغنام والعجول . وذات يوم تلقيت درساً من حمار جامح . كنا نتبادل تسلق ظهره وحينما جاء دورى قفزت على ظهره فجمح الحمار بأتجاه شجرة شوكية وألقى بى بعد أن خدشت وجرحت الأشواك وجهى وسبب لى الأرتباك فى حضور أصدقائى . ورغم أن الفاعل كان حمارص تعلمت قسوة أهانة المرء لغيره . فقد كنت أهزم زملائى دون أشعارهم بالمهانة . وعادة كان الصبية يلعبون بمفردهم لكن أحياناً كنا نسمح لأخواتنا بمشاركتنا فى ألعاب مناسبة لهم.

لم يقابل الطفل الصغير سوى قليل من البيض فى قونو . فقد كان القاضى أبيض وكذلك بالبطع كان صاحب المتجر القريب.

وكان البيض يبدون له فى عظمة الآلهة وكان يعلم أنه يجب إبداء الخوف والأحترام إزاءهم . ومن القرية إلى المدرسة .. وفى أول يوم لى فى المدرسة أعطت المدرسة كل واحد اسما إنجليزيا .. وعن هذه التجربة يقول : الأفارقة من جيلى وحتى يومنا هذا يحملون اسما إنجليزيا وآخر أفريقيا فلم يكن البيض يريدون أو يستطيعون نطق الأسماء الأفريقية وكانوا يعتبرونه تخلفاً أن تحمل اسما وطنيا وقالت لم المدرسة فى ذلك اليوم أن اسمى الجديد هو نيلسون . وبعد وفاة والده متأثرا بمرض رئوى اضطر مانديلا إلى العيش فى قصر الحاكم .. وكان أحب الواجبات إليه هى كى ملابس الحاكم فقد كان يقضى الساعات الطويلة فى ذلك.

اتحاد الطلبة


تدرج مانديلا فى التعليم بالمدارس الأرسالية المتاحة لتعليم الأفارقة فى ذلك الوقت .. ومعها وفيها تعلم أصول الحياة الأجتماعية والعقلية بمستوى من الرفعة غريب وجديد عليه.

عن هذه التجارب الحياتيه يقول : هناك ولأول مرة ارتديت البيجاما واستعملت فرشاة الأسنان والمعجون بدلاً من استعمال الرماد والخلال .. كما كنا نفعل فى قريتنا. وكانت المراحيض ذات الصرف الصحى والحمامات ذات الأدشاش الساخنة أشياء جديدة بالنسبة لى.

وفى أثناء السنة تم ترشيح مانديلا فى انتخابات مجلس الطلبة وبدأ التصويت الرسمى للأنتخابات وقاطعها معظم الطلبة عدا خمسة وعشرين طالباً انتخبوا الستة المرشحين الذين قرروا تقديم استقالاتهم وكان هو من بينهم. وفى اليوم التالى استدعاه المدير وناقشه فى الموضوع وأصر مانديلا على الاستقالة نزولاً عن رغبة زملائه فقال المدير : إذا أصررت على استقالتك فستفصل من الجامعة.

الزواج وحرية القرار


بنفس المنطق الأستقلالى رفض الشاب مانديلا العروس التى اختارها له الحاكم .. وقرر الهرب إلى جوهانسبرج .. ويقول مانديلا عن هذه التجربة : فى ذلك الوقت كان حسى الأجتماعى أكثر نمواً من حسى السياسى فبينما لم أكن مستعداً أن أحارب النظام السياسى للرجل الأبيض كنت على أستعداد للثورة ضد النظام الأجتماعى لقومى ورفضت أن يختار أحد لى عروساً ولو كان الحاكم نفسه.

وفى جوهانسبرج عمل حارساً ليلياً لأحد المناجم ثم عمل بمكاتب عدة للمحاماة . ثم انتقل إلى منطقة الكسندرا الفقيرة القذرة . وحياتها المثيرة المحفوفة بالمخاطر.

يقول مانديلا : فى عامى الأول هناك خبرت الفقر كما لم أخبره طوال أقامتى فى قونو . فقد كنت أتقاضى جنيهين فى الأسبوع على أن أدفع منها ثلاثة عشر شلنا أجرة سكنى وكانت حافلة نقل المواطنين وهى أرخص وسائل المواصلات تكلفنى جنيهاً وعشرة بنسات فى الشهر كما كنت أدفع مصاريف جامعة جنوب أفريقيا وأنفق حوالى جنيهاً على الطعام علاوة على ثمن الشموع للاستذكار.

وكنت فى أيام كثيرة أضطر إلى السير ستة أميال فى الذهاب للعمل والعودة وكانت تمر أيام لا أتناول فيها ما يقيم أودى ولا أغير ملابسى . وكان سيدلسكى قد أعطانى إحدى حلله القديمة التى ظللت أرتديها خمس سنوات حتى أصبح فيها من الرقع أكثر ما بها من قماشها الأصلى . وفى نهاية عام 1942 حصل على درجة الليسانس.

طريق الحرية


عن هذا الدرب الطويل يقول مانديلا : لا أستطيع تحديد اللحظة التى انخرطت فيها فى العمل السياسى والتى عرفت بعدها أننى سأمضى حياتى فى الكفاح من أجل الحرية . ولأن تكون أفريقياً فى جنوب أفريقيا يعنى أنك تسيس منذ الميلاد . فالطفل الأفريقى يولد فى مستشفى للأفارقة فقط ويستقل حافلة الأفارقة ويعيش فى مناطق الأفارقة ويلتحق بمدارس الأفارقة .. هذا إذا التحق بمدارس أصلاً . وحينما يكبر يقوم بالأعمال التى يقوم بها الأفارقة فقط ويركب قطارات الأفارقة ويؤمر فى أى وقت من الليل أو النهار ليبرز تصريحه و إذا لم يفعل يلقى به فى السجن . وتحد حياته القوانين واللوائح العنصرية التى تعوق نموه وتضيع إمكاناته وتشل حياته.

فى بداية الأربعينيات قررت مع آخرين تأسيس تنظيم الشباب .. كانت صيحة الحرب لدينا هى القومية الأفريقية وكانت عقيدتنا هى إيجاد أمة واحدة من القبائل العديدة وإسقاط سيادة البيض وإنشاء حكومة ديمقراطية. وكنا على حذر شديد من الشيوعية وقد مضى إعلاننا على أنه يجوز لنا أن نستعير من الأيدلوجيات الأجنبية ولكننا نرفض استيراد أيديولوجيات أجنبية بالجملة فى أفريقيا.

زواجه الأول


التقى مانديلا بإيفيلين ميس زوجته الأولى .. فتاة هادئة جميلة يتيمة من الريف وكانت حينئذ تتدرب لتصبح ممرضة فى مستشفى جوهانسبرج العام لغير الأوروبيين. وحدثت بينهما علاقة حب أعقبها زواج مدنى حيث لم يكن باستطاعتهما تحمل تكاليف زواج تقليدى.

كانت افتراضية الأبارتيد تقوم على فكرة سمو الجنس الأبيض على الأفارقة والملونيين والهنود. وكانت وظيفته تنحصر فى ترسيخ السيادة البيضاء إلى الأبد أو كما صاغ ذلك القوميون : أن الرجل الأبيض يجب أن يظل سيدا بكل ما يحمله لفظ السيادة من معانى العنف.

وكانت الكنيسة الإصلاحية الهولندية تؤازر تلك السياسة وقد أمدتها بالأساس العقائدى القائم على الأسطورة التى مفادها أن الأفريكانيين هم شعب الله المختار وأن السود نوع تابع. وكان انتصار القوميين نهاية لسيادة الإنجليز على الأفريكان. حيث كانت شعارات القوميين وهى أن "شعبنا ولغتنا وأرضنا" تلخص مهمتهم ورسالتهم.

قوانيين التمييز العنصرى


فى عام 1950 أصدرت الحكومة قرارين يعتبران حجر الزاوية فى التمييز العنصرى ترسخياً لمفهوم "الأبارتيد" .. وهما قانون السكان والتسجيل وقانون المناطق الجماعية أو مناطق المجموعات وقد سمح القانون الأول بتصنيف السكان على أساس عرقى وبطريقة عشوائية .. مما نتج عنه أحياناً التفريق بين أعضاء الأسرة الواحدة اعتمادا على لون البشرة و تجاعيد الشعر وسمك الشفتين.

أما قانون المناطق فيعتبر أساس الأبارتيد السكانى وبناء عليه فإذا أراد البيض تملك الأراضى أو المساكن التى يمتلكها الأفارقة أو الهنود .. فما عليهم إلا أن يعلنوا المنطقة بيضاء.

كما أنه بناء على ذلك القانون بدأت حركة نقل جماعية للسكان بالقوة قرب المناطق التى يعيش فيها الأفارقة من مناطق سكان البيض. من هنا اندلعت شرارة حملة واسعة للعصيان المدنى. وفى 3 يوليو عام 1952 م .. ألقى القبض على مانديلا .. بتهمة انتهاك قرار حظر الشيوعية. وعن هذه الواقعة يقول مانديلا : حررتنى الحملة من عقد النقص والدونية ومن الشعور بالقهر ومن مناعة الرجل الأبيض ومؤسساته. وبلغت سن الرشد كمقاتل من أجل الحرية.

فى ذلك الوقت كانت حياة مانديلا خلال حملة التحدى تسير فى اتجاهين ؛ عمله النضالى . وعمله كمحام بعدة مكاتب ثم فتح لنفسه مكتباً مشتركاً للمحاماة حمل اسم مانديلا وتامبو وقد كان الأفارقة فى أمس الحاجة للمساعدة القانونية فقد كانت كل ممارستهم تعد جرائم فى نظر البيض.

يقول مانديلا : كنا نستمع يومياً ونقابل آلافا من الإهانات التى يلقاها الأفارقة فى حياتهم . ومنها خطط إخلاء المناطق التى يسكنون بها والتى أكدت لى ضرورة المقاومة ولكن الدرس الذى استنتجته أنا .. هو أن خيارنا الوحيد كان هو الكفاح المسلح.

تعليم عنصرى


فى عام 1953 أقر البرلمان قانون تعليم البانتو الذى قصد بمقتضاه أن يضاف طابع التمييز العنصرى إلى التعليم .. وقد شرح د.هنريك فيرويرد .. وزير تعليم البانتو .. السياسة الجديدة قائلاً : إن التعليم يجب أن يعلم الناس ما يناسب فرصهم فى الحياة .. أى أن الأفارقة بأختصار يجب أن يتدربوا على الأعمال الوضيعة لكى تستمر سيادة الرجل الأبيض.

ثار مانديلا ضد القانون الجديد وضد وزير التعليم .. وطاردت عواقب القانون الحكومة بطرق لم تتوقعها فقد كان تعليم البانتو هو المسؤول فى السبعينات عن تخريج جيل من الشباب الأسود الأكثر غضباً وثورة.

شارك المناضل الأفريقى الكبير فى وضع ميثاق ودستور للحرية فى جنوب أفريقيا .. وعرض الميثاق على مجلس الشعب فرفضه .. ورغم الرفض فأن الميثاق ذاته أصبح علامة مضيئة لمعركة التحرير فى أفريقيا كلها.

وفى مارس عام 1956 صدر قرار الحظر للمرة الثالثة ضد مانديلا وحددت إقامته فى جوهانسبرج لمدة خمس سنوات ومنع من حضور أى أجتماعات. لكن هذه المرة تغير موقفه من الحظر وقرر ألا يسمح لعدوه أن يقرر مدى نشاطاته السياسية وصلته بالمعركة .. فقرر أيضاً ألا ينصب نفسه سجاناً على نفسه .. لتمضى رحلة المكافح على طريق الحرية.


يمكننا أن نلخص مشوار مانديلا التعليمى فى كونه عاش فترة دراسية مضطربة .. حيث تنقل بين العديد من الجامعات .. وبدأت هذه المرحلة المضطربة من حياته فى سن الرابعة عشرة .. عندما توجه إلى معهد كلاركبيرى للتحصيل العلمى .. وأنهى المرحلة الأولى من الدراسة فى سنتين فقط بدلاً من الثلاث سنوات الاعتيادية فى هذه المرحلة .. وفى التاسعة عشرة من عمره .. توجه إلى كليه وسيليان .. حيث طرد من الجامعة إثر احتجاجات طلابية على سياسات الجامعة .. حيث تابع دراسته بالمراسلة مع جامعة جنوب أفريقيا .. وبعدها حصل على درجة البكالوريوس فى القانون من جامعة ويتس.

ثم بدأ إلاعداد لنيل البكاليورس من جامعة فورت هير .. ولكنه فصل من الجامعة مع رفيقة " أوليفر تامبو " عام 1940 بتهمة الأشتراك فى إضراب طلابى.

وتابع مانديلا الدراسة بالمراسلة من مدينة جوهانسبرج .. وحصل على الإجازة ثم التحق بجامعة " ويتواتر ساند " لدراسة الحقوق.

وحين أنهى دراساته العليا فى " جامعة جنوب أفريقيا الأهلية " الخاصة بالسود كان ملماً باللغة الأنجليزية والحقوق والإدارة المحلية والعلوم السياسية . وأعطته الحياة الجامعية تجربة قيادية من خلال النشاط الطلابى ذى البعد السياسى .. لينتقل بعدها إلى جوهانسبرج المدينة الرئيسية فى البلاد .. وكان طموحه العمل فى المحاماة لكنه بدأ العمل كاتباً لدى محام يهودى اسمه سايدلسكى ووصفه بأنه " أول رجل أبيض عاملنى معاملة البشر وهو الذى دربنى كى أخدم بلدى " ثم تشارك مع محام أبيض اسمه نات بريجمان فى مكتب واحد .. وانطلق يعمل وينشط فى السياسة التى حملته مسؤليات كثيرة وأودت به فى أحيان كثيرة إلى عيش الفقراء .. كنه تابع دراسته ليحصل على أجازة فى الحقوق ليحق له العمل كمحام وليس مساعدة محامين .. فانتسب إلى جامعة تسمح بوجود عدد محدود من الطلاب السود .. وحين تخرج انغمس فى حياة مدنية تستهويه السياسة وحب النساء.

ثم جاءت مشاركة مانديلا فى حملة ناجحة لمقاطعات الباصات بعد رفع ثم تذاكر الركوب .. ليتعرف ومن ثم ينضم إلى المؤتمر الوطنى الأفريقى الذى كان تأسس عام 1912 .. كان المؤتمر إطار نشاطه السياسى والاجتماعى .. لكنه تعرف عن كثب بواسطة أصدقاء على الحزب الشيوعى الذى كان يضم أعضاء من جميع الأعراق.

وأتيحت لمانديلا معرفة واسعة بأفريقيا عندما كلفه المؤتمر الوطنى الأفريقى الحصول على مساعدة من بقية القارة فى شكل مالى وتدريب عسكرى .. ومعظم الدول التى زارها كانت مستقلة حديثاً عدا أثيوبيا .. ولاحظ مانديلا توتر العلاقة بين القادة الأفارقة وكذلك عداء معظمهم للعرب .. إذا رفضوا أدخال الشمال أفريقين فى منظمتهم " حركة الحرية الأفريقية فى شرق ووسط أفريقيا " .. لكن مانديلا ضغط من أجل أدخالهم وتحسين العلاقة بين مختلف أنحاء القارة السمراء .. وسرعان ما تغير اسم المنظمة ليصبح " منظمة الوحدة الأفريقية ".

وفى بلده عمل مانديلا فى الخفاء بسبب حظر المؤتمر الوطنى الأفريقى بقرار من الحكومة .. أصبحت المقاومة السلمية شيئاً من شعارات البدايات .. ونظم مانديلا مع رفاقه حملات عنف لتخريب الحركة الأقتصادية فى البلاد .. وقد قامت الحكومة بأعتقاله وأحيل إلى المحاكمة بتهمة التآمر لإطاحة نظام الحكم.

فى تلك الفترة لم يكن يحق للسود الأنتخاب ولا المشاركة فى الحياة السياسية أو إدارة شئون البلاد .. بل أكثر من ذلك كان يحق لحكومة الأقلية البيضاء أن تجردهم من ممتلكاتهم أو أن تنقلهم من مقاطعة إلى أخرى .. مع كل ما يعنى ذلك لشعب معظمه قبلى من النتهاك للمقدسات .. وحرمان من حق العيش على أرض الآباء والأجداد وإلى جانب الأهل وأبناء النسب الواحد.

وكانت الحركة فى هذا الوقت يقودها حزب المجلس الوطنى الأفريقى المعارض للتمييز العنصرى الذى تم تأسيسه تحت أسم مؤتمر جنوب أفريقيا الوطنى فى عام 1912 م .. وتحديداً فى مقاطعة فى بلومفونتين بجنوب أفريقيا .. تم تأسيس المنظمة .. وكان هدفها الأساسى هو العمل على زيادة حقوق الإنسان للسكان السود فى جنوب أفريقيا .. أول رئيس للمنظمة كان يدعى جون دوب ومن بين أعضائها المؤسسين الشاعر والمؤلف سول بلانجى. وأصبح لمنظمة المؤتمر الوطنى الأفريقى جناح عسكرى تحت شعار الرمح للأمة.

فى عام 1942 انضم مانديلا إلى المؤتمر الوطنى الأفريقى ..وفى عام 1948 انتصر الحزب القومى فى الانتخابات العامة .. وكان لهذا الحزب الذى يحكم من قبل البيض فى جنوب أفريقيا .. خطط وسياسات عنصرية .. منها سياسات الفصل العنصرى .. وإدخال تشريعات عنصرية فى مؤسسات الدولة .. وفى تلك الفترة أصبح مانديلا قائداً لحملات المعارضة والمقاومة .. وكان فى البداية يدعو للمقاومة الغير مسلحة ضد سياسات التمييز العنصرى.

وفى نفس السنة ساعد فى إنشاء اتحاد الشبيبة التابع للحزب .. وأشرف على إنجاز خطة التحرك .. وهى بمثابة برنامج عمل لاتحاد الشبيبة .. وقد تبناها الحزب سنة 1949 .








المقال "نيلسون مانديلا .. الحكاية الكاملة .. الجزء الأول" نشر بواسطة: بتاريخ:



اسم العضو:
سؤال عشوائي يجب الاجابة عليه

الرسالة:


رابط دائم

مواضيع مشابهة:
بالصور ما سر الأرنب الموجود في أذن نيلسون مانديلا .!؟
نيلسون مانديلا .. قصة حياة
صور زنزانة نيلسون مانديلا
شاهد أجمل ما ترك مانديلا من صور ومقولات اجمل و اشهر مقولات و صور للمناضل نيلسون مانديلا

Powered by vBulletin Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة © fmisr.com منتديات نجوم مصرية