نجوم مصرية
منتديات نجوم مصرية المنتدى العام أخبار الفن والفنانين



تابع نجوم مصرية على أخبار جوجل




دراما مرئية تليفزيون الحارة والقرية .. إعلام محلي وحصري

 

ن المتعارف عليه أن الحاجة أم الابتكار، ‬والحاجة هي إدراك الانسان أنه في احتياج لما ينقصه، ‬بالمقارنة بما يحصل عليه الآخر، ‬لهذا يعمل علي الحصول عليه، ‬أو ابتكار ما يماثله، ‬أو يقلده بخامات مختلفة، ‬حتي لايشعر بحرمانه من أي شيء يمتلكه الآخر، ‬فيضفي علي ما يحصل عليه صفات ما يحلم به، ‬مثلما كان أولاد »‬مرزوق« ‬العتقي أو الإسكافي في الغنائية الاذاعية زمان ‬للشاعر »‬عبدالفتاح مصطفي« ‬واخراج »‬محمد محمود شعبان«‬، ‬يغنون له حالمين بأقصي ما يتمنونه، ‬بديلا عن الفول الذي يأكلونه يوميا: »‬حتة جبنة قديمة، ‬تبقي الأكلة عظيمة«‬، ‬و»حبة فول حراتي، ‬تبقي الأكلة ذواتي«!!‬
وإذا كانت الحارة الشعبية مكتفية زمان بذاتها، ‬ومغلقة علي نفسها أبوابها، ‬وتخشي علي أولادها وبناتها من الخروج منها نحو أحياء المدينة الراقية، ‬التي تغتال بكارتهم، ‬مثلما الحال مع »‬حميدة« ‬في رواية »‬نجيب محفوظ« (‬زقاق المدق) ‬التي انتهكت روحها وجسدها حينما خرجت في منتصف أربعينيات القرن الماضي من حارتها الفقيرة بإغراء ‬القواد »‬فرج«‬، ‬خرجت لمصيرها المحتوم في شوارع وسط البلد وأضوائها المبهرة، ‬ومثلما فقد العامل »‬حسن« ‬قوته حينما عبر أوائل الخمسينيات كوبري »‬أبوالعلا« ‬هابطا في فيلم »‬صلاح أبوسيف« (‬الأسطي حسن) ‬من حي بولاق الشعبي الشهم رغم فقره إلي حي الزمالك آكل الأجساد والأرواح رغم ثرائه، ‬وهو ذات الحي الذي حذر الشاعر »‬أحمد فؤاد نجم« ‬من التوجه إليه أوائل السبعينيات، ‬فالحي »‬مسالك مسالك«‬، ‬والمتوجه إليه حتما »‬هالك«.‬
غير أن الزمن تغير، ‬وأصبحنا اليوم قرية عالمية مفتوحة الجدران، ‬وقد تحطمت الفواصل بين الحارة والشارع، ‬وانهارت الحدود بين القرية والمدينة، ‬فاختفت لافتة البقال خلف لافتة السوبر ماركت أو الميني ماركت، ‬وصارت الملابس التي تباع في المناطق الشعبية تماثل في تصميمها الملابس الراقية، ‬وان صنعت بأقمشة رخيصة، ‬وارتدت فتيات الحارة فساتين وبلوزات النجمات العارية، ‬ولكن علي (‬بادي كارينا) ‬ضيق أو (‬بنطلون) ‬شرعي، ‬فبدا الأمر ممسوخا، ‬غير أنه ‬غير مستهجن، ‬مادام يلبي للجميع احتياجاته وأحلامه.‬
تليفزيون الكابل
ومن بين هذه الاحتياجات كان الإبهار المتدفق من قنوات ‬التليفزيون الفضائية عامة، ‬وقنواتها المشفرة خاصة، ‬والتي ‬غزت حياتنا منذ منتصف السبعينيات القرن الماضي، ‬والتي لم يكن يملك قيمة تركيب الأطباق اللاقطة وشراء الريسفير والاشتراك في القنوات المشفرة ‬غير أثرياء الشارع والمدينة، ‬بينما سكان الحارة والقرية الفقراء لايملكون الاف الجنيهات التي كانت تحتاجها هذه الأجهزة والاشتراكات وقتها، ‬لهذا ابتكر الفقراء فكرة شراء جهاز واحد واشتراك واحد وتوزيع بثه بأسلاك عادية علي ‬هؤلاء الفقراء المتطلعين لحقهم في رؤية العالم خارج قنواتهم الأرضية والمحلية، ‬وذلك علي ‬غرار فكرة الدوائر المغلقة، ‬التي عرفتها أوربا قبيل انتشار الفضائيات باسم (‬تليفزيون الكابل)‬، ‬حيث ترسل لمشتركيها عبر الكابلات وباستخدام إشارات تردد الراديو الموجه لأجهزة التليفزيون في المنازل المواد التي يبحثون عنها كالبرامج السياسية والدينية الخاصة أو الأفلام الجنسية.‬
بينما الحال في حارتنا وقرانا صار مختلفا، ‬نعرفه جميعا، ‬ونراه يوميا في كل مكان، ‬وأثارته الأسبوع الماضي الاعلامية المعروفة »‬مني الشاذلي« ‬في برنامجها (‬العاشرة مساء)‬، ‬بلقاء مع »‬البراء أشرف« ‬مخرج الفيلم التسجيلي (‬تليفزيون الحارة) ‬والذي أنتجه وعرضه برنامج (‬تحت المجهر) ‬بقناة الجزيرة الاسبوع ‬السابق، ‬وقدم فيه نماذج لثلاثة ابتكارات في سمنود والمحلة الكبري والفيوم، ‬تجاوز فيها أمر البث من مجرد دش مركزي بالحارة أو القرية، ‬يوزع مواد القنوات المشفرة، ‬إلي التحول تدريجيا لكي يصبح قناة محلية خاصة، ‬تتوجه موادها لجمهورها الذي يتلقي بثها عبر سلك لايكلف الأسرة أكثر من خمس عشرة جنيها شهريا، ‬وتنوعت هذه المواد بين الأفلام المقرصنة من علي النت وعرضها دون مقص الرقيب، ‬وبرامج الدعاية المصورة لأصحاب المحلات بالحي أو القرية، ‬والتي لايتكلف انتاجها وبثها ‬غير بضعة مئات قليلة من الجنيهات، ‬فضلا عن برامج الأفراح والمناسبات الدينية المقامة بالحي والقرية، ‬فصارت بذلك قناة خاصة شديدة المحلية، ‬تلبي احتياج الفقراء في رؤية أنفسهم علي الشاشة، ‬وتتبع أحوال منطقتهم، ‬ومشاهدة أحدث ما يشاهده أبناء المدن من أغاني وأفلام عربية وأجنبية.‬
بجنيهات قليلة
لقد صنع أبناء الحارة والقرية إعلامهم الخاص، ‬الذي يلبي ‬احتياجاتهم المحلية جدا، ‬ويقدم لكل منطقة ما تريده، ‬وليس ما يبث بصورة عامة في القنوات الأرضية، ‬التي تميل فيها قنوات الأولي والثانية والثالثة لموضوعات وهموم العاصمة، ‬بينما عجزت القنوات الإقليمية عن تلبية الاحتياجات المحلية لقري ونجوع الأقاليم التي تبث إليها، ‬ومالت بدورها لهموم المدن، ‬كما صارت اهتمامات القنوات الفضائية أكثر عمومية، ‬حيث أن نظرها ‬صارمتوجه لملايين المشاهدين، ‬الذين يأتي إليهم الاعلان، ‬ليضخ الملايين من الدولارات بخزائن هذه القنوات، ‬بينما قنوات الحارة أو القرية،. ‬والتي يصل عدد مشتركيها لأكثر من عشرين ألف مشترك، ‬أي أنها تغطي ما يقرب من مائة ألف شخص، ‬بمعدل خمسة أشخاص في كل أسرة، ‬فهي تقدم إعلاما محليا وحصريا بجنيهات قليلة.‬
صحيح أن النماذج الثلاثة التي قدمها الفيلم أو البرنامج التسجيلي، ‬أكدت ابتعادها عن الموضوعات السياسية والدينية، ‬وأدركنا نحن من الفيلم أن الأجهزة المحلية والأمنية تسمح لها بالاستمرار، ‬فيما عدا جهاز الرقابة علي المصنفات الفنية الساعي خلفها للملكية الفكرية، ‬فأن هذا التفاهم بين هذه القنوات والأجهزة قد يكون في صالح المجتمع، ‬لتلبية احتياجات قطاعات كبيرة من فقراء الوطن في تلقي ما يتلقاه أثريائه، ‬فأن هذا التفاهم قد يصل إلي حد التواطؤ الذي يسمح ببث برامج مدمرة لعقل المجتمع، ‬والتعليق علي أحداث مقلقة للوطن، ‬وبث الفتاوي المغرضة، ‬واستغلال هذا البث لخلق خلايا تأخذ الناس بعيدا عن أرض الواقع، ‬أو تكون بديلا عن القنوات المتطرفة التي جمد بثها، ‬وكل شيء وارد مادام (‬التفاهم) ‬المعلن، ‬أو (‬التواطؤ) ‬المضمر قائم، ‬ويسهل البث بعيدا عن أعين المجتمع الحريص علي استقراره.‬
يبدأ الفيلم أو البرنامج التسجيلي بشوارع مدينة سمنود والمحلة الكبري وأغنية مطرب الأفراح والتوك توك »‬محمود الحسيني« ‬يتردد صدي ما يقوله في خلفية للصورة، ‬تركيزا علي كلمات الشيطان في الأغنية للانسان الشعبي الطيب: »‬في الأول جرجرتك، ‬من خيبتك خدرتك«‬، ‬وذلك في تمهيد ‬غير مباشر لموضوع الفيلم المتتبع لظاهرة الإعلام المحلي الخاص جدا، ‬والذي قد »‬يجرجر« ‬مشاهديه لهوة الشيطان، ‬والمنتهي بأحد صناع هذا الاعلام، ‬ابن سمنود »‬وائل أبوطالب« ‬وهو يلعب الكرة مع فتيان قريته، ‬وأغنية أحمد عدوية القديمة الشهيرة في الخلفية تقول كلماتها »‬يا أهل الله ياللي فوق، ‬ما تطولوا علي اللي تحت«‬، ‬في إشارة واضحة من صناع العمل ‬غير المدينين لأصحاب ابتكارات هذه القنوات الشعبية، ‬بضرورة أن يهتم بهم سادة المجتمع، ‬وهو اهتمام يتطلب سياسة إعلامية وثقافية، ‬تبتعد عن الاجراءات الأمنية، ‬وتبحث عن سبل تحقيق التواصل بين قطاعات المجتمع المختلفة، ‬وتلبية احتياجات البسطاء، ‬حتي لايلجأون لوسائط بديلة، ‬يكمن تدمير المجتمع في جوفها.‬






المقال "دراما مرئية تليفزيون الحارة والقرية .. إعلام محلي وحصري" نشر بواسطة: بتاريخ:
dmani
مشكوور اخي



اسم العضو:
سؤال عشوائي يجب الاجابة عليه

الرسالة:


رابط دائم

مواضيع مشابهة:
حريق يهدد حياه حكيم الحارة فى كواليس باب الحارة الجزء السادس
"باب الحارة 5" حصرياً على ميلودي دراما!..

Powered by vBulletin Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة © fmisr.com منتديات نجوم مصرية